بقلم شوشة
تحرير موسى الشديدي
تصوير: هبة نابلسي (من تصوير: هل ترى صوتي؟)
كنت سهران بالبار وواقف مع صاحبي وبخبره عن آخر تجربة جنسية الي، اللي فعليا كانت قبل ساعات قليلة… صاحبي أول ما سمع كلمة “سيكس” على طول حكالي “دير بالك من الإيدز… كتير منتشر” أنا طبعا أول ما سمعت كلمة إيدز ضغطي ارتفع ووجهي أعطى ألوان غريبة، المهم بعد ما خوفني عطول طلبت منه يدلني وين افحص، تاني يوم الصبح رحنا أنا وياه على مؤسسة مجتمع مدني تقدم هالنوع من الفحوصات، من هون بلشت بدي انخرط بمجال الصحة والإيدز بالتحديد لأنه حسيت أنه أي حد بالعالم معرض للإصابة، عملي بهاد المجال بدأ بعد فترة قليلة من هذا الموقف، من خلال عملي صار عندي أصدقاء عديدين تعرفت عليهم من خلال العمل بسبب إصابتهم بفيروس الإيدز صرنا شوي أقرب وبتقدر تحكي صرنا جد أصدقاء، بعضهم حابب يشارك معنا قصته، أولهم صديقي أحمد…
بتحب تعرفنا بنفسك؟
“أنا أحمد فلسطيني الجنسية عايش في الإمارات للعمل، حياتي لطيفة وهادية جدا، اللي عالمي الخاص وهواياتي الغريبة اللي ما بلاقي كتير ناس أشاركهم فيها، صديق نفسي بتقدر تحكي، حياتي الاجتماعية حلوة وبسيطة، بحب الناس كتير وبثق فيهم بسهولة، مع أن حياة الإمارات ما بتساعد كتير على هاد الشي.
عندي كلب بيعنيلي كتير، بيفهمني، بيشتاقلي وبيحس فيني كتير، والأهم إنه بيسليني وبعرف كيف يستفزني، ما علينا، المهم إنه شغلي هو الشي الوحيد اللي بخليني أحب حالي، هيك بس أفوت عالشغل بحس أنني عندي مكانة بهالدنيا، حتى تصرفي كتير بيختلف، ثقتي بنفسي غير، وكل وقتي بالشغل بحسه بمحله وكأني بحقق شي لنفسي، يمكن غريب هالكلام كونه أغلب الناس بتكره شغلها، بس من هالناحية بحس حالي محظوظ وبحمد الله عالأشياء اللي عندي ياها.”
كيف عرفت أنك عايش مع الإيدز؟
“بيوم من الأيام رحت أعمل إجراء طبي يستلزم بعض الفحوصات منهم فحص فيروس الإيدز، من هون عرفت انني مصاب، كان شعوري لا يوصف، ما كنت ببكي بالأيام الأولى، ولا كنت حزين، كنت بس مصدوم، كل اللي بعرفه إنه هاد المرض بيجي للمدمنين والشرام** وأنا دخان حتى ما بدخن، جنس ما بعمل، إنه ليش؟ ومن وين؟ وكيف أجاني هالمرض؟ كم رح أعيش؟ وكيف رح أعيش؟ اللي زاد الأمر سوء هو إني مضطر اترك الإمارات واترك كل شي عملته وشغلي وأصحابي وبيتي وكلبي وأرجع للضفة (فلسطين المحتلة عام 1967)، لأن الإمارات عندها سياسة ترحل من خلالها أي شخص أجنبي يتم اكتشاف وجود الفيروس بدمه، بعد أيام قليلة قررت أحكي لبعض من أصدقائي عن اللي صار معي، أصدقائي اللي حكيتلهم عايشين بالأردن، حكولي أجي عالأردن لعمل الفحوصات التأكيدية، رحت عالأردن وعملت الفحوصات، تأكدت إصابتي بالمرض، قعدت بالأردن أسبوع علشان أرتب أفكاري واهدي مخي، تعرفت بالأردن على ناشط في مجال الصحة الجنسية/الإيدز شرحلي كلشي وحكالي شو رح أعمل وحكالي أنه لازم أرجع للضفة عشان أبلش علاج، الصدمة كانت بس نزلت عالضفة، رفضوا يصرفولي العلاج ‘المجاني’ لأني غير مستوفي للشروط.”
كان في شروط؟
“نعم في شروط، لازم يكون رقم الـ CD4 (للي هو بتقدر تحكي دلالة على المناعة والمقاومة) منخفض، والحمل الفيروسي بالدم يكون مرتفع، يعني بالأحرى الدواء بينصرف فقط للمصابين اللي وضعهم الصحي متدهور، هاد كان عائق جديد، مش بس اضطريت اترك البلد اللي عايش فيها قبل ما يطردوني، وكمان أرجع لبلدي اللي مو راضية تصرفلي العلاج، حاليا أنا بشتري الدواء من لبنان بما يقارب ٥٦٠ دينار أردني كل شهر غير مصاريف النقل اللي كمان بتكلف كتير.”
كيف بتمشي حالك ماديا بهالوقت؟
“حاليا بشتغل بالضفة واموري ماشية، وبشتري الدواء من تحويشة الـ ١١ سنه اللي عشت فيهم بالإمارات.”
شو أثرت عليك إصابتك أكتر شي؟
“أكتر شي بعز علي وبحز ببالي هو أنه إصابتي كانت السبب إني أخسر شغلي وأغير مكان إقامتي بسبب القوانين الغير العادلة.”
شو تغير فيك/عليك؟
“تغير علي إني صرت أخاف من أقرب الناس الي، صرت أحس إنه اللي بيعرف عن إصابتي زي كإنه ماسكني من رقبتي، مع أنه ما حد من المقربين ممكن يخون بس برضو بظل عندي شعور خوف من الكل، ويجيني وساوس أنه حد بيعرف عني، هاد الشي بخليني ما أقدر أظن الخير أو أثق بحد.”
شو بتتمنى اليوم؟
“بتمنى لو الدول والقوانين يعملو اعتبار أنه في بشر بيستحقوا الاحترام وما بصير يفقدوا الاحترام لمجرد فيروس. صحيح أنه العلاج مجاني بأغلب الدول وهو بكثير دول خصوصا بمنطقتنا بييجي عن طريق منح، لكن للأسف مش كل الدول بتقدر تأمن العلاج مجانا ومش كل الدول منحها بتغطي عدد المصابين كاملا، عشان هيك بييجي الدور على مقدمي الخدمة الصحية الحكومية والمؤسسات الحقوقية للمطالبة بتغطية العلاج لكافة المصابين بدون أي شرط.
وهون كمان بنلاحظ إنه في دول بتستغل القدرات الشبابية والعمالية للعمل عندها والعيش فيها، لكن هاد كمان اله شروط وأحدهم خلو الشخص الوافد من بعض الاصابات مثل الإيدز. فهل الاحترام كل هالقد صعب بدون شروط؟ وهل ترحيل الأيدي العاملة التي خدمت هذه الدول بسبب إصابة قد يتعرض لها أي شخص في هذا العالم عمل أخلاقي؟ أليس الأولى توعية هذه المجتمعات حول طرق الوقاية والتخلص من الوصمة حول هذه الإصابة بدلا من ترسيخ الرعب المحيط بها؟”