في حديث مع داليا الدجيلي
ترجمة: ماي كالي
تصوير: غاليا قريعة
تنسيق الأزياء: وسيم لحمر
مكياج: تمارا حنا
Justine Schwaab :مساعدة منسق أزياء
رئيس التحرير: خالد عبد الهادي
هذه المقالة هي جزء من عدد سنة ورا سنة
بعض القصص تبدأ من أماكن. أما سامي قلبي فبدأ -بين الأماكن-. ولد في سويسرا لأب مغربي وأم فرنسية سويسرية، يحمل سامي صدى مساقط رأس متعددة، ليس دائمًا بارتياح. تتعقب موسيقاه خارطة هذه العوالم المتقاطعة. إيقاعات الموسيقى الشعبية مغلّفة بنبضات آلة البيس. كلمات ترقص بين الدارجة المغربية وتوق الشتات، ونغمات متجذرة في الحقول المجاورة لمدينة الجديدة في المغرب، تتسرب عبر نوادي مانشستر وتعاونيات برلين. وجاء فيديو كليب أغنيته “داكشي هاني” -بمشاهده السريالية ومزاجه النوستالجي- بمثابة تعريف بعالم سامي حيث الذاكرة الصوتية وجماليات ما بعد الشتات.
متجاوزا المشاهد الصوتية المركبة، يبني سامي قلبي مجتمعا عابرا للحدود السياسية والثقافية سواء عبر التجمعات الديكولونيالية في أوربا أو في المهرجانات السرية في المغرب. موسيقاه تساءل وتربط وتناهض. وتحمل التوتر الذي يسببه أن تكون “نص-نص”، بينما تؤكد الكل الذي يرفض القسمة نصفين. تتحدث موسيقاه عن الأجداد والهجرة والتخفف من الخزي وتملك البهجة.
في هذه المحادثة مع داليا الدجيلي، يتأمل قلبي في رحلة العودة الطويلة إلى البيت، لا في بلد واحد بل بيتا تشكله بلدان كثيرة. وذات تتذكر وتعيد الابتكار وتصر على الرقص في كل الأحوال.

Coat; Maïlys Pereira. Pants, Shoes; CamperLab. Photographed by Ghalia Kriaa. Styled by Wassim Lahmer. Makeup by Tamara Hanna.
بداية، خبّرني عن نفسك ونشأتك وما أثر فيها؟
ولدت في سويسرا ولا زلت مستقرا فيها. والدي مغربي ووالدتي فرنسية سويسرية، لذا ترعرعت ضمن هذه الثقافات. أمضيت وقتا أطول مع والدتي بعد انفصالهما، لكني تعودت زيارة المغرب مرة في العام.
أمارس الموسيقى مذ كان عمري 12. في البداية، تعلمت الكثير من الموسيقى من والديّ. أمي معجبة كبيرة بموسيقى الديسكو والبوب الفرنسي وما إلى ذلك. وأبي كان يستمع لأنواع كثيرة من الموسيقى الفلكلورية الأمريكية الشمالية والبلوز والسول -الكثير من ثقافة موسيقى السود- وطبعا الموسيقى الجزائرية والمغربية، بما فيها الراي والشعبي من الثمانينات والتسعينات.
في النهاية وجدت طريقي المستقل، وانفتحت في نهاية الألفينات على موسيقى الهاوس والتيكنو، وكذلك لعب آلات الجانغل والطبل والبيس. وانتقلت إلى لندن في الثامنة عشر وعشت هناك لست أشهر، وفي تلك الفترة كان البيس رائجا للغاية كآلة موسيقية، ويلعب الآن دورًا مؤثرا في موسيقاي.
عندما تفكر في مسارك إلى الآن، متى بدأت في ممارسة الموسيقى بجدية؟
في البداية تعلمت العزف على الغيتار، ثم تلقيت دروسا في الغناء وانضممت لجوقة المدرسة. بعدها استمريت في التعلم وفي النهاية انضممت لعدد من الفرق الموسيقية. الأولى كانت فرقة فلكلورية إيرلندية، بعيدة كل البعد عما أعزف الآن، ولكن المضحك هو أن هناك رابطة. وكأعمالي الحالية، فالفلكلور الأيرلندي بوصفه جزءًا من الفولك والبوب مغروس في اللحن والإيقاع.
لاحقا لعبت في فرقة ريغي وفانك. بعدها، منذ عامين، مباشرة قبل انطلاق عملي على مشروعي الحالي، بدأت اللعب مع صديق جزائري. كنا نمزج موسيقى الروك السيكاديلية البديلة والشعبي، مع غلبة للأصوات الجزائرية.
الآن، أؤلف موسيقاي التي تنتقل بين هذه التأثيرات الأساسية بما فيها الشعبي، لكن بمقاربة تمزج عناصر الهيب هوب والبيس والبوب. جد بهيجة ومحفزة على الرقص.


في التسعينات لم يكن ممكنا أن تفخر بهويتك، وكنت ملزما بالاندماج والتماهي. ولهذا لم يعلمني والدي العربية. هو مجهود جيل بأكمله لاسترجاع ذلك الفخر.
Veste, Pants; LOUTEH. Shoes; CamperLab. Photographed by Ghalia Kriaa. Styled by Wassim Lahmer. Makeup by Tamara Hanna.
كونك ترعرعت في المهجر، هناك في الغالب رحلة طويلة للعودة للموسيقى التي كان آباؤنا ينصتون لها وهم صغار في مسقط رأسهم. هل كانت الرحلة طويلة بالنسبة لك؟ وأي مكانة كان للشعبي والراي في هذه الرحلة؟
هي رحلة أبدية عندما تبدأها لا تعرف تحديدا أين ستنتهي. أحاول أخذ مساحة بعيدا عن الهوية كثيمة. لكنها كذلك طاقة دافعة من البداية، لأني مثلا، لم أتعلم العربية ولم أتعرف على الإسلام وأنا طفل. فهناك غياب ثنائي، لأني كذلك غريب في سويسرا والمغرب، لم أكن أملك الرموز أو اللغة أو الدين.
كنت أرتكب أخطاء سخيفة كأن أقول أشياء صادمة ونحن مجتمعون حول مائدة العشاء، لأني لم أمتلك الرموز الكافية وكان على من حولي أن يترجم لي. أخذ الأمر وقتا طويلا ولم أشعر بالانتماء لهذه الثقافة في البداية. لكن عندما عاد والدي إلى المغرب وكنت أزوره، قررت تعلم اللغة لأعرف أكثر عن هذا البلد، لا عن عائلتي فحسب، بل المجتمع والناس ككل.
ما كان النقطة الفاصلة بالنسبة لي هو عندما تعرفت على المجموعات والمهرجانات الكوير المناهضة للفاشية في المغرب، ينظمها -وهذا هو الأهم- مغاربة. كان هناك الكثير من الحفلات والسهرات1 التي ينظمها البيض في المغرب، لم أكن أحب الذهاب، بعدها تعرفت على مهرجان هاردزازات. ذهبت وكانت المرة الأولى التي أتواصل فيها مع مغاربة يمارسون نفس ما أمارسه. كانوا فنانين منخرطين سياسيا، ينظمون مناسبات ثقافية بموارد قليلة. تعرفت على هذه الكميونيتي وارتبطت بها.
ولهذا عدت للمغرب لثلاث أشهر وبعدها تسجلت في دروس تعلم اللهجة المغربية. رغبت في تعلم ما يقوله الناس في الحياة اليومية وشعرت بأني قادر على أن أكون جزءا من المشهد. لكني كذلك ربطت التواصل بالموسيقى والانخراط السياسي.
استطعت الارتباط أكثر بمن هم في الشتات في أوربا، وشرعت أشارك في فعاليات ديكولونيلة ومهرجانات ثقافية، وحفلات دي جي ولقاءات اجتماعية. كنا كلنا منشغلين بنفس القضايا: الغياب الثنائي الذي ينبغي لنا محاربته لإيجاد جذورنا في الثقافتين. الآن هناك فعلا مجتمع عابر للجنسيات ينظم ويعبّئ، خصوصًا منذ السابع من أكتوبر. لكن حتى قبل ذلك، كان الناس يتنظمون حول مسائل النسوية الكويرية بوصفها جزءًا من مناهضة العنصرية والفاشية والصهيونة.. أنا جد فخور بأن أكون جزءًا من هذا المجتمع.

Top, Pants; Atelier Lilian Navarro. Shoes; CamperLab. Rings; Le Manso. Photographed by Ghalia Kriaa.
Styled by Wassim Lahmer. Makeup by Tamara Hanna.
تغنّي بالدارجة المغربية بطلاقة. هل الغناء بالدارجة جزء من المجهود الذي بذلته للارتباط بجذورك؟ أم محاولة لتشكيل هويتك داخل سويسرا؟
الاثنان مرتبطان في تقديري. كنت مثلا أكتب أغاني ستفهمها أسرتي وتؤثر فيها. ثم صرت مهتما بالموسيقى المحلية لمسقط رأس جدتي، في البادية قرب مدينة الجديدة الساحلية. وصرت أتساءل كيف كانت الحياة من قبل. كلا جدي اشتغلوا في الزراعة. والمنطقة معروفة بمهرجاناتها ومعارضها المحلية، حيث يبيع الناس محاصيلهم ويجتمعون حول الطعام والموسيقى.
والموسيقى المحلية اسمها العيطة، أي “النداء” أو الأنين. وهي نوع موسيقي من غرب الريف المغربي، شائعة في المناسبات والاحتفالات كالأعراس والأعياد والمعارض الزراعية، موسيقى متجذرة في كل مكان في الحياة العامة والفلاحية . هناك كذلك أنواع وأشكال مختلفة، مثلًا تلك المخصصة للمآتم. قبل زواجه بجدتي، كان جدي يعرف الشيخات جيدا. والشيخات هن المغنيات اللاتي يعشن في نفس الحي. شخصية فريدة ومحترمة ومقدرة، لكن يتم تجنبهن كونهن مرتبطات بالحياة الموسيقية الليلة المحلية.
ساعدتني هذه الموسيقى على فهم كيف كانت الحياة من قبل، وكانت موضوع نقاش تقاسمته مع جدتي. كنت مهتما بحياتها، وهناك أغنية كتبتها نسخة تكاد تكون طبق الأصل عن حوار جمعني بها. الأغنية اسمها “اروينا” (اسقينا) كريّ نبتة.
هناك تابو كبير يحوط الهوية في المغرب بسبب سياسات التعريب. شاعت هذه السياسات في مناطق دون أخرى، وبقوة في منطقتي المعروفة بتحفظها الديني. أعتقد بأن عائلتي ومجتمعات أخرى في المنطقة أرادت نسيان جذورها، إذ لم يكن من الجيد ظهورك تتكلم الأمازيغية، خصوصًا في الأماكن العامة. وكلما كنت عربيا أكثر ومسلما أكثر، كلما حظيت بفرص عمل أوفر وكسبت عائلتك احتراما. كنت أسأل والدتي، تقولين بأننا عرب، هل بوسعك إثبات ذلك؟ كتبت أغنية عن الموضوع، رغم أنها لم تجبني عن كل أسئلتي.

Outfit on the left: Coat; Maïlys Pereira. Pants, Shoes; CamperLab.
Outfit on the right: Veste, Pants; LOUTEH. Shoes; CamperLab.
Photographed by Ghalia Kriaa. Styled by Wassim Lahmer. Makeup by Tamara Hanna.
مثير للاهتمام، أن أسلافك كانوا ملزمين بالاندماج في المجتمع العربي والابتعاد عن كل ما يشبه الهوية الأمازيغية، بينما والدك فكان ملزما بالاندماج في المجتمع الأوربي وتعلم الفرنسية ونسيان جذوره المسلمة والعربية.
صحيح، هناك عتبات عديدة للخزي من جذورنا وأصولنا، في المغرب وعبر أشكال مختلفة من الاستعمار. لا يمكن أن أسمي كل شيء استعمارا، لكن تعريب المغرب ثم الاستعمار الفرنسي، ولاحقا ديناميات مماثلة في أوربا.. كلها بدت متشابهة. في التسعينات لم يكن ممكنا أن تفخر بهويتك، وكنت ملزما بالاندماج والتماهي. ولهذا لم يعلمني والدي العربية. هو مجهود جيل بأكمله لاسترجاع ذلك الفخر.
أعتقد أننا ولدنا في جيل مميز، بعد أحداث 11 سبتمبر، أتساءل كيف أثّر صباك والمدرسة فيما تصنع من موسيقى اليوم. تبدو مرتبطا بجذورك في موسيقاك، وأتساءل إلى أي مدى كان إرثك مقبولا أم تابو لمن كانوا حولك؟
ما قلته بشأن 9/11 صحيح، فهذه الديناميات مستمرة إلى الآن. قبل ذلك مباشرة كانت السنوات الثلاث الذهبية للعرب في الثقافة الفرنسية، أساسا عندما فازت فرنسا بنسخة كأس العالم 1998 ونجم الفريق الأول كان الجزائري زين الدين زيدان. في نفس الفترة، كان للكوميديين العرب الفرنسيين صدى كبير في الإعلام. آنذاك كان مسموحا أن تكون عربيا بحس فكاهي أو رياضيا، كانت فرنسا فخورة بهم.
ثم جاءت 09/11 وبعدها الاحتلال الأمريكي لأفغانستان والعراق، ثم 2006 والحرب اللبنانية الإسرائيلية، ثم الربيع العربي وبعدها الحرب في سوريا. ومنذ 2001، ضاقت الأوضاع على العرب في أوربا وأمريكا. مدركا لكل هذا، وضعي كان مختلفا لأن أمي فرنسية، الشيء الذي ربما يسّر أموري رغم أنها كانت كذلك مهاجرة في سويسرا، وهي ثقافة مختلفة رغم اللغة نفسها، ولا ينظر إليك كمواطن.
ما تغير لم يتغير بفعل من هو أبيض أو مهيمن في المجتمع، بل منا ومن قرارنا بأن نفخر بثقافاتنا. ربما لأن أمامنا جيل كامل لم يشعر بالانتماء في أوربا في تلك الفترة، وينتظرنا جهد لنبحث في تاريخ أبائنا. أظن بأن جيلنا كذلك يرى الجميل في ثقافاتنا وكم هو مهم أن نظهر بأننا لسنا كما يصورنا الإعلام كإرهابيين ومتطرفين دينيين. نستخدم منصات التواصل أفضل من الأوربين ولا نخجل من إظهار إعجابنا ومتابعتنا للناس. هناك الكثر لقوله عبر الفن، وكذلك عبر الدعابة. كثرون يشاركونني مقاطع فيديو مضحكة حول ما يعنيه أن تكون عربيا، وأظن أن هذا أمر كدنا نفوّته.
لا أحد يحب أن يدعى نصف-نصف، فلا يمكن أن تنقسم إلى شطرين. أكيد أني أتنعم بامتيازات معينة، كأن أعود وأعيش في المغرب أو أن أختار انتمائي. ربما هناك هوية ثالثة حيث يمكنك أن تكون فيها الاثنين معا.

Shirt, Skirt; Maïlys Pereira. Shoes; CamperLab. Photographed by Ghalia Kriaa. Styled by Wassim Lahmer. Makeup by Tamara Hanna.
هل تنعكس هذه الدينامية -تعقيدات المكان والهوية- في موسيقاك؟
لا أعزف موسيقى الراي أو الشعبي التقليدي، بل خليطا من الموسيقى المدمجة. وحتى ما نسميه “راي” في إشارة إلى إنتاجات الثمانينات والتسعينات، هو كذلك النسخة الثانية 2.0 من موسيقى أخرى، وكانت سلفا في ذلك الوقت ممزوجة بالبوب الفرنسي والفانك والريغي والهيب هوب والكثير. بنفس الطريقة، أعزف موسيقى جيلي وهويتي في صيغ متعددة وجمعية. تعود الناس أن يسموني “نص-نص” لكني 100% خليط من الاثنين. أظننا نتقدم تجاه وقت يتزايد فيه أناس يصعب تصنيفهم ضمن فئة اجتماعية واحدة. نحمل تواريخ أسلافنا، وأمامنا مساراتنا الخاصة.
بالعودة إلى موسيقاك، أجدها مدفوعة مجتمعيا، حتى في فيديو كليباتك. لا يسعني إلا التفكير في حقيقة أن الموسيقى التي تقدمها تسعى لأن نستمتع بها في رفقة. لقد فقدنا مؤخرا الكثير من المساحات الجماعية التي كانت الأجيال السابقة كآبائنا قادرة على الوصول إليها سواء في الشرق الأوسط أو أوربا. فكيف ترى الموسيقى التي تصنعها كجزء مما نحاول كمجتمع الحفاظ عليه بينما نفقد الكثير من المساحات التي نحتاج حتى نستمتع بالموسيقى جماعة؟
هناك فرق بين ما أتوق إليه في عالم مثالي وما أنا قادر فعلا على تحقيقه. تعرض لك عروض وتحاول الحصول على حجوزات في أماكن معينة لكن ليس لهذه الأسباب نفسها. مثلًا، كثيرا ما يتم حجزي في حفلات أكون فيها “العرض الغريب”2، أو ألعب على مسرح موسيقى عالمية في مهرجان كبير. ليست خشبات سيئة، وأعرف أصدقاء كثر مروا بنفس الأمر، لكن مجتمعنا نادرا ما يكون متواجدا في هذه الأماكن. فيأتيك أشخاص يتظاهرون بالرقص كشخصية فرعون في أفلام ديزني، ظانين أننا نرقص هكذا. وليس من السهل دائما التعايش مع المنظمين الذين يرغبون في تسمية العرض “موسيقى إلكترونية شرقية”، فأستمر في التأكيد أني أرفض تقديمي بهذه الصيغة. لكن هذه الفرص مهمة مهنيا.
ثم هناك الفعاليات البديلة والسياسية وغالبا ما ينظمها غير البيض، أو بمساهمة حلفاء في مجموعات مختلطة. أغلب المرتادين يفهمون أعمالي وتشعر بأنك في مساحة آمنة. للأسف هذه الفعاليات لا تقدم مكافآت جيدة، رغم أنها تضفي معنى على ما أصنعه. وأشعر بأني مفهوم ومدعوم، وهو أمر مهم للغاية في المجال الفني.
عليك أن تقبل بالاثنين إن أردت العمل كفنان بدوام كامل. وأنا أمارس الفن بدوام كامل، ولا أستطيع أن أنكر أهمية المسألة المالية. يرافقني موسيقيون آخرون وفي جولاتي معي مهندس صوت، وعلي تعويضهم كذلك. فتضطر لقبول عروض تعرف أنها لن تكون أفضل ما قدمته لكنها طريقة ظهور جيدة ومقابل جيد بشروط جيدة.
تحدثتِ عن تناقص المساحات التي نشغلها. أعتقد أن المزيد من الناس مهتمون بخلق هذه المساحات في أوربا. هناك تعونيات عديدة تركز على موسيقى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. بعض المستشهرين مهتمون بهذه المساحات لأغراض تسويقية، لكن آخرين يفهمون فعلا ما نحاول القيام به ولماذا. وأحيانا ما أقدم عروضا مجانا لأني أؤمن بالمشروع. هذا الأسبوع عندي أول عرض في مدينتي لوزان، وهي خطوة كبيرة بالنسبة لي لأنها في ناد بتمويل عمومي ومعدات جيدة. سيكون عرض “أيوا” في مساحة خالية من الفصل العنصري3. واجبنا أن نقبل بعض العمل غير المأجور لتثقيف الناس، وأعتقد بأن الناس في أوربا صاروا أكثر وعيا.

Veste, Pants; LOUTEH. Shoes; CamperLab. Photographed by Ghalia Kriaa. Styled by Wassim Lahmer. Makeup by Tamara Hanna.
أريد أن أختم المحادثة بالحديث عما تشتغل عليه الآن وما ننتظره منك في المستقبل. هل هناك أغان أو ألبوم قريب الصدور؟
هناك ألبوم سيصدر في ماي. وأغنيتان من الألبوم تحومان حول الثيمات التي تطرقنا لها. عنوان إحدى الأغنيتن “فاليزا” وتعني حقيبة السفر بالدارجة المغربية، وتدور الأغنية حول محادثة جمعتني بصديقة مغربية فرنسية اعتادت اللعب في فرقة موسيقية تدعى تاكسي كباب. والحقيبة استعارة ترمز لتجاربنا وما نحمله معنا ونشاركه مع الناس. والقصة مبنية على أحداث حقيقية. زارتني هذه الصديقة في المغرب، ثم اضطرت للعودة إلى أوربا للمشاركة في مهرجان كبير، وأعطتني هذه الحقيبة لأحتفظ بها حتى تعود لأخذها. طلبت مني الاعتناء بالحقيبة وكأنها ملكي، وبأن هناك آلة طبل بوسعي استخدامها. لم تعد للمغرب، واضطررت لحمل الحقيبة معي من المغرب لفرنسا. هذه هي لازمة الأغنية.
أما الأغنية الثانية فاسمها “عبور”4 وتدور حول ثيمات الهوية وما يعنيه أن تكون غريبا في المكانين. وأهم ما فيها أني لست غريبا، فأنا ضارب في القدم وابن هذا المكان أحاول معاركة الرفض من الطرفين.

نجم الغلاف: سامي قلبي
في حديث مع داليا الدجيلي
تصوير: غاليا قريعة
تنسيق الأزياء: وسيم لحمر
مكياج: تمارا حنا
Justine Schwaab :مساعدة منسق أزياء
رئيس التحرير: خالد عبد الهادي
هذه المقالة هي جزء من عدد سنة ورا سنة