المقابلة بقلم: نور اشتية
ترجمة: هبة مصطفى
تفريغ صوتي: نور اشتية
تصوير و إخراج إبداعي: منى الطاهر
تنسيق وتلبيس: سامر عويضة
مكياج وتصميم شعر: منى الطاهر
Ivana Jarmon :مساعد التصوير
هذا المقال من عدد الذبذبات
لطالما كانت الموسيقى واحدة من الأشكال العديدة التي نختبر ونعبر من خلالها عن الروحانية، ونشاركها مع الآخرين، والموسيقى والروحانية متداخلتان ومتشابكتان؛ فهما تتمحوران حول التشافي وسرد القصص والتعبير عن الذات: الموسيقى تنتج الروحانية والروحانية تلهم الإبداع الموسيقي.
ينسج الفنان المصري الشامي ميرزا شمس (هم/هن)، المعروف أيضاً باسم “نكسو”، هذه العناصر معاً من خلال إبداعهم/ن الموسيقي، ويستخدم نكسو بصفتهم/ن منتجاً متعدد الاهتمامات كويرياً غير ثنائي، وملحناً، ومعالجاً بالأصوات، وعازفاً لعدة آلات، أنواعاً موسيقية عديدة في عمله ويمزج الموسيقى الفلكلورية الشرق أوسطية والموسيقى “السايكدلية” الإلكترونية لتسليط الضوء على الكويرية، والهجرة، وما بعد الاستعمارية، وقد أطلق نكسو ألبومهم/ن الأول (تسعة) عام 2021 بعد انتقالهم/ن إلى شيكاغو من مصر، ويواصل استخدام صوته للتعبير عن أهمية أن يكون المرء صادقاً مع نفسه/ا وأن يبني خبرته/ا من خلال القوة الشافية للموسيقى.
يتحدث نكسو في هذه المقابلة عن هويتهم/ن وعلاقتهم/ن بالروحانية باعتبارها مصدر إلهام لهم/ن لصنع الموسيقى، وتحدي المفاهيم القمعية للهويات الكويرية والعربية، واستخدام اللغة كأداة للتحرر، وشق طريق لاستخدام السياسات في تحقيق التحرر، وقد حُرّر نص هذه المقابلة بهدف الإيجاز.
في البداية، هلاّ حدثتنا عن نفسك: خلفيتك ونشأتك وكيف دخلت إلى عالم الموسيقى؟ وما هي أهمية اسم “نكسو” بالنسبة لك؟
أنا موسيقي كويري وغير ثنائي وفنان صوت متعدد الاهتمامات، وقد وُلدت في مصر ونشأت في أسرة تعاني من اختلالات شديدة بسبب مختلف أنواع التشوهات التي تمسكوا بها، واضطررت إلى تربية نفسي بنفسي؛ فوالديّ كانا منشغلين للغاية للاهتمام بأنفسهما، فكيف كانا سيهتمان بي؟
أدركت ذلك في سن صغيرة بسبب البيانو، وبدأت العزف عندما كنت في السابعة، وجرّبت أنواعاً موسيقية مختلفة، بما في ذلك الكلاسيكيات الشرقية، والكلاسيكيات الغربية، والجاز، والبلوز، والموسيقى الإلكترونية، والروك، والميتال، وأصبحت الموسيقى أفضل صديق لي وساعدتني على اكتشاف أجزاء من نفسي ووفرت لي مساحة لم يكن والداي، أو المدرسة، أو الأصدقاء، أو الجيران قادرين على توفيرها.
Top; Vintage Onyx. Scarf; stylist’s own. Rug; Tunisia. Photography & creative direction by Mouna Tahar. Styling by Samer Owaida. Makeup and hairstyle by Mouna Tahar.
يمزج اسم “نكسو” بين معانٍ عدة؛ فهو محايد جندرياً (في الإنجليزية)، وتصوّري، ويجسد النفسية الكويرية، وهو إشارة إلى اعتناق ظلال ممارسات الحب في عالم يختلط فيه الخير بالشر، ويعبّر عن الحب الكويري والفخر بتعبيراتنا المختلفة عن الاهتمام والرعاية، بينما أستعيد كويريتي من خلال الموسيقى وأحاول المساهمة بقوة وصدق في كويريتنا وعبورنا الجماعيين، وفي الإنكليزية، هو اختصار لعبارة “أحضان وقبلات غير قابلة للتطبيق” ويُنطق “NAXOH” أو “NAXAH” – نكسو.
كيف ساعدتك الموسيقى في رحلتك مع الذات، والهوية، واكتشاف هذه الأجزاء المختلفة من نفسك؟
بصفتي شخصاً كويرياً نشأ في وطنه الأم، كان من الصعب عليّ للغاية استكشاف نفسي واستخدام صوتي، لا سيما في المساحات الموسيقية؛ فقد كان العديد من الموسيقيين والفرق مهتمين بمساهماتي في مشروعاتهم معي، لكن خارج الاستوديوهات والمسارح، كان هناك قدر كبير من الكراهية للمثلية الجنسية والعبور الجندري، وقد أحببت الغناء لأنه سمح لي بالتعبير عن نفسي، لكني أدركت أنني كنت أخفي نفسي الحقيقية عن الآخرين.
في النهاية، طفح الكيل ولم يعد بوسعي إخفائها أكثر من ذلك، وكان يجب أن تخرج للنور، وكان انتقالي إلى الولايات المتحدة لحظة مهمة في حياتي؛ لأنني توقفت عن التضحية بحقيقتي، وجزء من ذلك كان قدرتي على الغناء عن أي شيء أريد، وقد أردت الغناء عن تجربتي التي أعيشها وعن استعادة أجزاء من ثقافتي كانت قد منعت من الظهور أو تعرضت للمحو.
مثل الكثير من الناس في بلادي، أعرف إلى أي مدى نحن محرومون من الثقافة الجنسية والجندرية والثقافة الروحية خارج نطاق الإسلام؛ فكل شيء يجب أن يكون مردّه إلى الإسلام أو “التقاليد”، وإن كنت أرى أن الإسلام والتقاليد يشكلان جزءًا لا يتجزأ من كينونة ثقافتنا اليوم، فلا يمكنني تجنب واقع أن تفسيرات وإسقاطات فهمها قد أدت إلى جميع أنواع السموم وساهمت في خلق مجتمع يعاني من صدمات نفسية شديدة، والأمر لا يتعلق بالاستعمار والحكومة والاضطراب السياسي فحسب، بل بالناس أنفسهم أيضاً؛ فالعديد منهم/ن يعيشون/يعشن وجوداً معيارياً غيرياً، ومحافظاً، وتقليدياً متأصل في الصدمات النفسية العميقة والانفصال عن الذات، وهم يحاولون حقاً التجذر في أصالتهم بصفتهم/ن بشراً.
أردت التعمق في أصولي وفي إرثي الكويري والعابر؛ فلم يكن بمقدوري فعل ذلك بهذا السياق، وبدأت التعمق، في نفسي، وكان الأمر أشبه برحلة، وكانت موسيقاي أولى أدواتي وأصبح صوتي ثانيها.
Jewelery; Sayran. Jacket; Yasmine Ali. Kaftan; Devarshy. Photography & creative direction by Mouna Tahar. Styling by Samer Owaida. Makeup and hairstyle by Mouna Tahar.
كانت أغنيتي الأولى بعنوان “خَوَل“، وقد نتجت عن سنوات طوال تعرضت فيها للتنمر في الشارع بشكل يومي بسبب هويتي، وقد شعرت أنني في أكثر حالاتي إبداعاً وقت صنعي لهذه الأغنية ولم أهادن وقلت الأشياء كما هي، وهي مثال على الكيفية التي تقاطعت بها موسيقاي مع رحلتي في استكشاف هويتي الجنسية والجندرية.
تتناول أغنياتك بعض الموضوعات القوية مثل الظهور، والحضور، والاختفاء، ورؤيتنا للآخرين ورؤية الآخرين لنا، فكيف تختار هذه الموضوعات وتنظمها في ألبوماتك وموسيقاك؟
في البداية، اخترت بعض الأغنيات وكنت أعلم أن هذا سيكون بمثابة تحدٍ، لكنها كانت متأصلة في أجزاء كنت منفصلاً عنها، فبدأت بأغنية “خَوَل” وبضع أغنيات أخرى، منها “مشتيهوش” و”عيب”، وكان الأمر مجرد تعبير عن نفسي الحقيقية والكاملة، ثم أدركت أن هناك تصور كان يتجمع من زوايا مختلفة.
كان هذا وقت عبوري وهجرتي، وعندما هاجرت، كنت حبيسَ وضعي القانوني بصفتي “طالب لجوء”، وكان الألبوم يركز على التمييز الجنسي والجندري والروحاني؛ فأنا أنتمي إلى خلفية مسلمة لكن هذا لا يعني بالضرورة أنني أمارس تعاليمه كأي مسلم “عادي”؛ فلديّ ممارساتي الروحانية التي تقوم على تفكيك المفاهيم وتحليلها، وهي منطقية بالنسبة لي، والرحلة، وما ألهمها، كانت دائماً متأصلة في القيم والمعتقدات المتوافقة مع هدفي، وعقلي، وروحي، وقلبي، وكانت هذه الرحلة برمتها تدور حول البحث والارتكاز في نفسي، وواصلت التلحين والكتابة واجتمع كل شيء معاً بصورة طبيعية، وأردت أن يعبّر الصوت عن الحالة التي كنت فيها في تلك الفترة.
رقم قَدَري هو أيضاً تسعة، وأنا أرتبط به بطرق عديدة، ولهذا بدأ يتكون في ذهني موضوع البومي الأول “تسعة”؛ فهو يمثل الرقم ورحلة البحث.
بصفتك معالجاً بالأصوات، هلاّ أخبرتني بالمزيد عن هذا التقاطع بين الموسيقى والروحانية؟ وكيف يصب هذا في القيم التي تحاول إيصالها من خلال عملك؟
الرقم تسعة هو آخر رقم يسبق الأرقام المكونة من خانتين، فكأنه يمثل نهاية وبداية فصلين مختلفين، وأنا أربط علم الأرقام بعلم الأبراج؛ فبرجي الشمسي هو الحوت وبرجي الطالع هو الحوت، وعلى طيف الأبراج، يمثل هذا البداية والنهاية، وبرج الحوت هو الأخير في الدورة، وأصحابه هم الحكماء وذوو الخبرة ويعرفون كيف يكسرون الجمود، ويسكنهم حزن عميق أيضاً بسبب مدى معرفتهم بالعالم، وفي الوقت ذاته، برج الثور صلب، وعنيد، ومفعم بالحياة، وكل شيء فيه يدور حول الربيع، والشمس، والطاقة الهائلة، وهو مختلف تماماً.
كان هذا الألبوم تحولاً كبيراً بالنسبة لي؛ فأنا أتحول من كوني موسيقياً عمل مع العديد من الفرق، التي غالباً ما كانت كارهة للمثلية الجنسية والعبور الجندري وجعلتني أشعر بأن عليّ إسكات نفسي، إلى القيام بمشروعات فردية ودعوة المبدعين/ات الآخرين إلى المشاركة في عملي، وهذا يتيح لي التجذر في عزلتي، وأنا أعرف أن الوجهة التي أتجه إليها مختلفة، ولهذا أشعر كما لو أنني أنتقل إلى مرحلة جديدة، وأشعر أنني أكثر سعادة، وأكثر ارتياحاً، وكأنني لست مضطراً إلى الركض، بل يمكنني التمهل.
Heels; Syro Jewelry. Jewelery; Sayran. Purse; Kara. Jacket; Yasmine Ali. Kaftan; Devarshy. Photography & creative direction by Mouna Tahar. Styling by Samer Owaida. Makeup and hairstyle by Mouna Tahar.
بالنسبة لقيمي، فالتحرر قيمة مهمة للغاية أركز عليها في موسيقاي، لأننا جميعاً متعطشون لها، وإذا كان هناك شيء واحد يتضور شعبي جوعاً من أجله، فهو التحرر، وهناك أنواع عديدة من التحرر: تحرر العقل، والروح، والقلب، والجسد.
التركيز قيمة أخرى من قيمي، وهو قيمة مهمة لأننا كنا مشتتين ومهجرين طوال الوقت، وعندما نواجه هذه الأنواع من الصعوبات باستمرار، يتشتت تركيزنا، والتركيز أداة تساعدنا على تذكير أنفسنا بمن نحن، لنواصل النمو على صعيد الجوانب التي تحتاج إلى ذلك.
القيمة الثالثة هي الشفاء؛ فقد نشأنا في ثقافة جزّأت الشفاء إلى أسوأ الممارسات، مثلاً، هناك الكثير من علامات الاستفهام المحيطة بالصحة العقلية، وأنا أركز على الصحة العقلية في موسيقاي لأنني أريد أن يفهم الناس أن كل شيء يبدأ من العقل؛ فهو متأصل في القلب والروح ولا مفر منه، وأنا أقول الحقيقة كما هي، دون تنقيح كلماتي، وأحياناً يعتبر الناس ذلك وقاحة، وهذا مرتبط بالصحة العقلية، والكثيرون منا “يحملون مشكلاتهم في أنسجتهم” ومن الهم أن نشفيها بالتوازي مع بعضها.
تقول في إحدى أغنياتك – “وجودي” – “وطني نفسي وطني ليس مكان ولادتي”، مما يشير إلى التوترات الموجودة بين الذات، والوطن، والأمة، فهلاّ أخبرتني أكثر عن هذه التوترات، شخصياً، وكيف تتقاطع؟
أثناء نشأتي، كان يُقال لي باستمرار إن مصر هي وطني، وأنا أحب بلادي، وأحب مصر كطبيعة، وأماكن، وأصدقاء، وزملاء، وتجمعات تتوافق مع ميولي واهتماماتي، لكني أعرف أن تجربتي بها انطوت أيضاً على كارهين، ومعتدين، ومنتهكين للاختلاف والأصالة، وأدركت أنني كنت في حالة تيه بين الانتماء وعدم الانتماء، وأنني، في الواقع، لا أنتمي أكثر مما أنتمي.
أدركت أنني بحاجة إلى حماية ما أشعر به من امتلاء وأن يفيض هذا على العالم، وعندما انتقلت إلى الولايات المتحدة، كان الجزء الذي انفصلت عنه هو وطني، ولم يكن الوطن بالضرورة هو الناس، بل كان الطعام، والثقافة، والأرض، والأصدقاء، والتجمعات، وهذا ما كنت أفتقر إليه في الولايات المتحدة، والآن، أحمل هذه الأجزاء داخلي، وأدرك أن الأمر لم يكن يتعلق أبداً بالعالم الخارجي الذي كنت أتفاعل معه، بل بالعالم الداخلي الذي أواصل حمله، ويمكنني أن أكون على حقيقتي دون الخوف من أن تعتقلني الشرطة لأنني كويري أو عابر، ويمكنني ارتداء الفساتين والخروج، ويمكنني الآن عيش الحياة بالروعة التي أريد.
كانت ثنائية تجربتي – بصفتي شخصاً ناعماً، ولطيفاً، ومحباً وشرساً وقادراً عن الدفاع عن نفسي – واضحة للغاية وغير معيارية، وكلما عبّرت عن كويريتي وعبوري ومارست روحانيتي، أدركت أنني أنا وطني.
Scarf; Kara. Photography & creative direction by Mouna Tahar. Styling by Samer Owaida. Makeup and hairstyle by Mouna Tahar.
كان هذا واحداً من الأسباب التي دفعتني إلى كتابة هذه الأغنية؛ فقد أردت أن أصنع صلاة تكون بمثابة ترنيمة ارتكاز: “وجودي هو وجودي، مش وجودك. وجودك هو وجودك، مش وجودهم. وجودهم هو وجودهم، مش وجودك، مش وجودي”، وكنت أحاول وضع الحدود من خلال فكرة تساعد على التركيز، وصلاة آسرة تروح وتجيء وترسم الخطوط والحدود، بدلاً من أن تكون فوضوية ومنصهرة، واختتمها باقتباس “وطني ليس مكان ولادتي، ولكنه المكان الذي تنتهي فيه كل محاولاتي للهروب”؛ لأن هذا ما يحدث، يركض الناس وراء أوطانهم، لكنهم يهربون من كل شيء لمطاردتها، واللحظة التي نتوقف فيها عن الهرب هي اللحظة التي نصل فيها إلى الوطن، اللحظة التي نعرف فيها الاستقرار والطمأنينة.
أريد أن أعرف أكثر عن دمج الأنواع الموسيقية في عملكم/ن والطريقة التي تمزج بها بين الإيقاعات العربية التقليدية والموسيقى السايكدلية والإلكترونية؟
نشأت وأنا أعزف أنواعاً موسيقية مختلفة، وأردت أن أتوصل إلى نسب من العناصر المتنوعة وأن أخلق أصواتي الموسيقية الخاصة وأن أصنع شيئاً يعبّر عما في داخلي حقاً، والكثير من الموسيقى التي أعزفها ليست متجذرة في ثقافتنا بالضرورة، لكن العديد من الإيقاعات متأصلة في ثقافاتنا الشرقية والإفريقية ومستمدة منها؛ فموسيقى الجاز والبلوز، مثلاً، تعتمد على هذه النظريات والإيقاعات، ولاحقاً، سافر الموسيقيون الغربيون إلى بلادنا وتعلموا النظريات والإيقاعات، ثم كيّفوها، وقد استغرق الأمر الكثير من العزف والتدرب للتعرف على أوجه التشابه والقواسم المشتركة بينها.
أحب موسيقانا، لكنها متجذرة للغاية في المعيارية الغيرية والتوافقية الجندرية والدين، وهذا ما جعلني أتمرد عليها، وظللت أتنقل ذهاباً وإياباً حتى أدركت أنه يمكنني التواجد في كلا العالمين في وقت واحد، دون أن يمثلني أي منهما تمثيلاً كاملاً، وأردت أن أصنع شيئاً متأصلاً في ثقافتي الشرقية وفي التنقل بين الأصوات والمساحات.
Earrings; Sayran. Necklace; Yassin Adams. Shoes; J. Pearl bracelet; Vitaly. Dress; various draped fabrics from north africa, and levant. Black lace dress; vintage. Photography & creative direction by Mouna Tahar. Styling by Samer Owaida. Makeup and hairstyle by Mouna Tahar.
كنت أشعر بالحزن والغضب أيضاً عندما صنعت هذا الألبوم، وأردت أن أجابه كل ما وقف في طريقي من خلال تصوير هذه الأحاسيس بكياسة، وأردت أن أخبر العالم أننا لسنا الوحيدين وأن هناك الكثيرون ممن يحملون الضوء عبر الظلام معنا، وعندما نتحرك، فإننا نترك أثاراً من الضوء خلفنا، فنخلق طرقاً يسير فيها غيرنا، وأردت أن أصنع شيئاً يدفع الناس إلى الشعور بأنهم/ن مثيرون/ات والتدفق عبر منحنيات أجسادهم/ن وثناياها والإحساس بهذه الأجساد والانطلاق والانفتاح، وهكذا حدث المزج بين الأصوات والمفاهيم وكل شيء آخر.
لقد لعبت باللغة والكلمات في أغنياتك أيضا، فهل هذا شيء تعمدت فعله؟
نعم! فموسيقاي في الأساس تجمع بين الموسيقى السايكدلية والإلكترونية والبوب العربي، والموسيقى السايكدلية ليست متجذرة في العنصر الموسيقي فحسب، بل في كتابة الأغاني أيضاً، ولهذا أحب اللعب بالكلمات، وهي انعكاس لذاتي أيضاً؛ فأنا غير ثنائي ليس فيما يتعلق بجندريتي فحسب بل كل شيء يشكل هويتي وكياني، حتى كلماتي، وأنا أريد أُظهر للناس كيف أن شخصاً ما قد يقصد كلمة ما في شكل وسياق معين، لكنها قد تعني شيئاً مختلفاً تماماً أيضاً، ويعتمد الأمر فقط على الطريقة التي نراها بها.
قلت إن التحرر يمثل إحدى قيمك الأساسية، فهلاّ أخبرتني أكثر عن العلاقة بين التحرر الروحي والتحرر السياسي؟
لطالما اعتمدت السياسات على الدين – والعكس صحيح؛ فهما متكاملان للغاية، ولأننا عالقون بين الدين والسياسة، يشكل التحرر السياسي جزءاً أساسياً من عملية تحرير روحانيتنا، ويجب أن نكون قادرين/ات على معرفة ما هي السياسات المنطقية بالنسبة لنا وما هي السياسات التي تساهم في رفاهنا، وإن كان اختياره لروحانيته ثائبا، فغالباً ما تكون سياساته صائبة، وإذا كانت روحانيته جميلة، فعادةً ما تكون الطريقة التي يتعامل بها مع السياسة واعيةً أيضاً.
هل عندك أمل بتحرر المنطقة الناطقة بالعربية روحانيا وجنسيا وسياسيا؟
نعم، فالمستقبل لنا وهو نتاج ما نفعله في الحاضر، ونحن نتمتع بوصول أكبر الآن، ومجتمعاتنا تتواصل بقدر أكبر مع هوياتها خارج نطاق ما تم تقديمه لها، ولهذا لدي أمل كبير، حتى في الأوقات التي أعتقد فيها أنني قد لا أشهد حدوث ذلك خلال حياتي، وعندما أشعر وكأننا نعيش في عالمنا الخاص، فأنا أدرك أنني لست أعيش في عالمي الخاص؛ فهناك الكثير من الناس الذين/اللاتي يعيشون/يعشن بطريقة مماثلة، وقد لا يحدث هذا التحرر خلال حياتنا، ولكن على الأقل لدينا أجزاء صغيرة منه تنمو وتتوسع.
Red top; Step In Style. Kaftan under top; Lapogee. Boots; Unisa. Jewelry; artist’s own. Photography & creative direction by Mouna Tahar. Styling by Samer Owaida. Makeup and hairstyle by Mouna Tahar.
ما هي مشروعاتك الحالية والمستقبلية؟
كنت أعمل على ألبوم جديد، وأشعر بالحماس بشأنه كثيراً، وقد أطلقت أغنية منه بعنوان “حالكم أزرق“، وبه أصوات مختلفة وثقل في الإيقاعات وسرعاتها، وهو ألبوم منخفض الإيقاعات وبه الكثير من المقاطع الوترية الحية، وسيصدر قريباً!
على الغلاف
تصوير و إخراج إبداعي: منى الطاهر
أجرت المقابلة: نور اشتية
Morcos Key : تصميم الغلاف
تركيب وتصميم الغلاف: علاء السعدي
رئيس التحرير: خالد عبد الهادي
هذا المقال من عدد الذبذبات