كتابة م.
ترجمة: نوارة ب.
العمل الفني: لينا أ
في 16 فبراير 2022 ألغت المحكمة الدستورية الكويتية المادة 198، وبعد خمسة عشر عامًا من عيشهم في الذعر أصبح مجتمع الترانس الكويتي الآن قادرًا على الخروج للعلن دون خوف من السلطات الجشعة التي تستغل التعديل المبهم للقيام بإهانة واضطهاد وسجن أفراد مجتمع الترانس والاعتداء الجسدي عليهم، عدا أن الكثير منهم كانوا بمثابة كبش فداء لسنوات.
في عام 2007 شكل وليد الطبطبائي النائب السلفي صاحب السجل الحافل في تقييد الحريات الاجتماعية والشخصية تحت غطاء “حماية المجتمعات العربية والإسلامية من الظواهر الغريبة” لجنةً برلمانية لدراسة الظواهر السلبية الغريبة على الكويت، وبمجرد أن أصبح الإسلاميون أغلبيةً في البرلمان اقترح النائب الطبطبائي تعديل المادة 198 من قانون العقوبات. “تم التصويت على التعديل بالإجماع بأغلبية إسلامية دون دعوة أي من أصحاب المصلحة مثل الأطباء أو الاختصاصيين الاجتماعيين أو المجتمع المدني أو أي جهات حكومية” وتم تعديل المادة “دون استشارة المؤسسة الطبية والمحامين الدستوريين وعلماء الدين والأهم من ذلك أفراد المجتمع نفسه.”1 كانت صياغة التشريع بأكمله مبهمًا للغاية ومعرضًا للتفسير مما أدى إلى تطبيق تعسفي وعنف جنسي وإهانات وانتهاكات بشعة لحقوق الإنسان.
تم تنفيذ المادة 198 على الفور من قبل الشرطة والنظام القضائي وبدأت موجة شرسة من الاعتقالات في مجتمع الترانس في الأشهر القليلة الأولى فمجرد تواجدهم في الأماكن العامة أصبح جريمة، لقد قمت بمراجعة محادثاتي لمناقشة تداعيات القانون مع رنا* وهي امرأة ترانس في الكويت، وقالت: “كان ذلك غريبًا… وكأنه تم إيقاف تشغيل مفتاح ما، قبل [المادة] 198 كنا نذهب إلى الشرطة لتساعدنا في تقديم شكوى ضد من أخطأ بحقّنا في الأماكن العامة، وبعد تعديل 198 اعتقلنا نفس رجال الشرطة المتعاطفين في العلن وابتزونا لممارسة الجنس بلا تراضي كما حلقوا رؤوسنا ونقلونا إلى وحدة البحث الجنائي حيث اشتدت الانتهاكات .” من الجدير بالذكر أن دولة الكويت عضو موقّع على مختلف المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تدعم المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان.
أدى القانون إلى محو النساء الترانس من الأماكن الاجتماعية، قال أحمد: “قبل عام 2007 كنت لتشاهد النساء الترانس في مراكز التسوق والبنوك والمستشفيات – كن مرئيات في الفضاء العام… أصبح وجودهم جريمة. “العديد من الشباب الترانس في الكويت للأسف لديهم انطباع بأن المجتمع كان أكثر قبولًا قبل تمرير القانون بسبب الافتقار إلى الأساس القانوني، في ذلك الوقت كانت الحياة أسهل قليلاً بالنسبة للنساء الترانس. لقد واجهن التهميش في المجال العام والعديد منهن منبوذات من قبل العائلة، أتذكر بوضوح خلال الفترات المبكرة رجلًا كويتيًا كبير السن ومرتديًا ملابس تقليدية يواجه امرأةً ترانس في مقهىً في وضح النهار، ضرب ركبتيها بعصا واستنكر المثلية الجنسية باقتباس حديث ضعيف المصدر مشيرًا إليها على أنها “لوطي” ملعون، نهضَت المرأة من على الأرض وسحبت العصا من يديه واستدعت الشرطة ومنعته من مغادرة المقهى عبر سد الباب بنفس العصا التي استخدمها الرجل لضرب ركبتيها، بعدها وصل رجال القانون في أقل من ساعة وتمكنوا من اعتقاله، أما بعد تعديل القانون وُجد أساس قانوني واستغل المدنيون القانون لابتزاز وإساءة معاملة النساء الترانس في الأماكن العامة، تتسائل رنا* “ماذا يمكنك فعله؟ لا شيء، أنت تحت رحمة من يعتدي عليك”.
بسبب مستويات التمييز الاقتصادي والتهديد بالسجن القاهرة تلجأ العديد من النساء الترانس إلى العمل بالجنس لتغطية نفقاتهن، تعمل الكثير منهن على تطبيقات المواعدة حيث تعرضن خدماتهن من أجل تغطية الإيجار والطعام والعلاج الهرموني وتكبير الثدي خلف الكواليس وجراحة تأنيث الوجه، ومن المفارقات أن أصدقائي الترانس الذين يمارسون العمل بالجنس يقرون بأن غالبية عملائهم المنتظمين معادين للترانس في العلن، إن ضباط الشرطة هم من يعتقلونهم والقضاة هم من يصدرون أحكامًا قاسية.
بسبب مستويات التمييز الاقتصادي والتهديد بالسجن القاهرة تلجأ العديد من النساء الترانس إلى العمل بالجنس لتغطية نفقاتهن…
لم يرحب جميع أعضاء مجتمع الميم بإلغاء المادة 198، يعتقد أحمد وهو رجل مثلي متوافق الجنس سرًا انتقل مؤخرًا إلى الكويت من كاليفورنيا أن اضطراب الهوية الجندرية مرض وقال: “افعل ما تريد ولكن ليس في الأماكن العامة”. “إذا كنت ترغب في ارتداء ملابس معينة فلم لا تفعل ذلك في الخارج خلال العطلة؟ هذه ليست سان فران؛ الغالبية متدينة تقليديًا”، يخفي الكثير في المنطقة ميولهم الجنسية / هويتهم تحت غطاء من المغايرة، ومثل معظم الناس في الكويت يهدف أحمد إلى إدامة السلوك الاجتماعي بين الجنسين والذي يخدم مصالحهم حيث تشكل النساء الترانس تهديدًا للذكورة المهيمنة.
لماذا لم يتم الطعن في القانون لمدة خمسة عشر عامًا؟ رد صالح وهو باحث اجتماعي بارز قائلاً: “أولاً وقبل كل شيء لم يرغب الكثير من المحامين في المخاطرة بسمعتهم من خلال الطعن في التعديل، ثانيًا قبل عام 2014 كان من المستحيل استئناف التعديل لأن المحكمة الدستورية لم تقبل الاستئناف.” استغرق البحث عن محام غير انحيازي يمكنه استئناف التعديل سنوات وكانت قضية مها المطيري هي التي دفعت بالقضية إلى الواجهة كما حظت باهتمام المنظمات غير الحكومية الدولية والمجتمع المدني، قال صلاح: “لقد كانت فرصة ووقتًا مبشرًا لتنظيم حراك مع أعضاء آخرين في المجتمع وجذب انتباه الناس إلى تجاوزات 198.”
والمثير للصدمة أن هناك دعوات من نواب ليبراليين حاليين مثل مهند الساير لإعادة التعديل ومضاعفة الغرامة، بدأت أتساءل إلى أين يجب أن يتجه مجتمع غير منظم ومبعثر في حال حدث ذلك؟ لأسباب أمنية لا يوجد داعمون للمثليين في الكويت، قد يجادل الكثيرون بأنه لا وجود لمجتمع متماسك في الكويت، نحن منقسمون على أساس الطبقات والعرق والجنس، في تجمعات الأصدقاء سمعت تصريحات رُددت على غرار أحمد من قبل رجال مثليين متوافقين الجنس يشغلون مناصب في السلطة من خلفيات ذات امتيازات، يقول أحمد: “المجتمع في أنحاء العالم طبقي في جوهره؛ هوية المثليين الملوحة بقوس القزح تُرى بالكامل من منظور غربي، إنها لا تمثلنا نحن الأشخاص الكويريين والغير متوافقين الجنس – وهي مجرد تسويق لثقافة كوير تخدم بنية رأسمالية مؤذية.” لا تتعرض النساء الترانس والرجال المثليين والانثويين من التجار والأسر الحاكمة للإذلال والسجن من قبل الشرطة مقارنة بالبدون وذوي الأسماء العائلية القبلية، ويتفاقم العنف والإذلال والتهديد بالاعتقال اعتمادًا على موقع الفرد في الطبقة الاجتماعية والمواطنة.
“تذكرو أنكم تمشون على درب وعر في الكويت… لا تضغطوا بقوة – فذلك يأتي بنتائج عكسية” هكذا قالت الاستاذة ميادة، القضية الرئيسية التي يجب أن نتعامل معها بعد إلغاء 198 هي كسر الصورة النمطية، لقد شوّهت وسائل الإعلام الكويتية الترانس وعززت الصور النمطية السلبية من خلال تصويرهم كأضحوكة وكتهديد خطير للأخلاق والتقاليد الدينية، تأتي النساء الترانس من جميع دروب الحياة ويجب توظيف وسائل التواصل الاجتماعي لتمكين الأصوات العابرة وكسر الصورة النمطية التي تصورها وسائل الإعلام، بالإضافة إلى ذلك تعترف وزارة الصحة باضطراب الهوية الجندرية كحالة طبية؛ يجب على النساء الترانس أن تعملن بشكل تنظيمي من أجل تغيير جندرهن في بطاقة الهوية الخاصة بهن.
قال شربل ميداء ناشط مجتمع الميم اللبناني البارز “لقد حان الوقت ليكون مجتمع الترانس في الكويت مرئيًا ولتمكين وإعلاء أصواتهم، إنه لأمر ضروري أن ينظم المجتمع الحراك ويدفع من أجل المزيد من الحقوق.” لدينا الأدوات المناسبة للضغط بشكل متزايد من أجل التغيير مثل الوصول إلى وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية الدولية والداعمين في الخارج، لكن ما نفتقر إليه هو الجزء الأكثر قيمة – وهو مجتمع موحد ومنظم جيدًا وهدف واضح نسمو لأجله.
* أجريت المقابلات بشكل فردي بين 22 و 27 فبراير 2022. لأسباب أمنية تم استخدام أسماء مستعارة لحماية هوية وسرية المؤلف والمقابلات من الكويت.