بقلم: سري باز
الصورة الرئيسية من فيلم سيد درويش (1966)
هذا التقرير بالتعاون مع سينمجي، (مبادرة سينمائية عربية نسوية كويرية)
تتناول هذه المراجعة مجموعة من أفلام السينما العربية التي تطرقت لقضية المازوخية الرجالية، والمازوخية أو الماسوشية هي حالة من الاهتمام الجنسي يتجسّد في التلذّذ بِالألم الواقع على الشخص ذاته، أيّ التلذذ بالاضطهاد عامةً، وعموماً لا تعد المازوخية اضطراباً جنسياً إلا في حالة تسبب هكذا ممارسات بضائقة أو خلل يتطلب التشخيص، لكن تجدر الإشارة إلى أن المازوخية قد صنفت سابقاً كاضطراب نفسي.
فيلم شفيقة القبطية 1963
تدور أحداث الفيلم حول قصة حياة “شفيقة القبطية” التي كانت أشهر راقصة مصرية في القرن التاسع عشر وتضطر شفيقة التخلي عن ابنها وذلك بسبب رفض أبيها لعملها كراقصة، ولكن بعد أن يكبر الابن تبدأ شفيقة التقرب منه ومساعدته عن طريق علاقاتها بكبار الشخصيات والسياسيين.
في الحقيقة ورغم أن الراقصة شفيقة القبطية استطاعت تحقيق كل ما تطمح إليه ووصلت إلى ثروة الشهرة والنفوذ، وعاشت حياة رغيدة إلا أن رغبتها في أن تكون أماً لم تتحقق لعدم قدرتها على الإنجاب، تشير المصادر إلى أن شفيقة قد تبنت طفلاً وأغدقت عليه من الرعاية والاهتمام ووفرت له كل ما يريده، إلا أن عطفها والبذخ الذي نشأ فيه جعله يدمن المشروب والمخدرات، حاولت شفيقة تعديل سلوكه من خلال تزويجه مبكرا إلاّ أنه قد توفي بعد فترة قصيرة من زواجه.
تمتعت شفيقة بعلاقات ونفوذ مع كبار المسؤولين وأصحاب النفوذ والأسر الحاكمة، وعاشت حياة تشبه حياة الأمراء، وأعجب بها كل من رآها وتعرف إليها.
يتناول أحد مشاهد الفيلم علاقة الراقصة شفيقة بأحد البهاوات والأغنياء والمولع بشفيقة والذي يغار عليها من أي معجب آخر، ويفعل المستحيل لأجلها، يتناول الفيلم في هذا المشهد العشاء الذي جمع البيك في منزل الراقصة شفيقة، حيث يظهر لها الخنوع والتذلل لنيل رضاها، يتناول البيك المشروب في حذاء شفيقة بدلا من الكأس، يخوضان حديثا حول الأب الذي يغار منه البيك لتشرح له شفيقة أنه ابن صديقتها الذي تبنتها ورعته منذ صغره وتعلقت به كأنه ابنها، يظهر البيك ندمه ويصف نفسه بأنه “وحش” لأنه ظن السوء بشفيقة، يتقرب منها ويطلب منه أن تضربه.
- مقدرش يا حبيبي لأني بحبك..”
لتبدأ بعد ذلك شفيقة بأمره أن يركع أمامها و”يطاطي” وهو ما ينفذه الباشا دون أي نقاش.
- قول “ماااء”.
- ليرد الباشا وهو على الأربع، حاضر، مااااء.
تمتطي شفيقة ظهر الباشا ويبدأ بالمشي بها مع ترديد صوت الماعز “ماء، مااااء..”، لترد شفيقة في كل مرة “الله يا باشا، يا عيني باشا، يا سلام يا باشا …” كمان يا باشا.
في حين يتعالى صوت الباشا بترديد صوت الماعز تتعالى ضحكات شفيقة أكثر وأكثر وتطالبه بالمزيد، حتى ينتبه الباشا أن زوجته تقارب ما يحدث، في ظل غمرة وانتشاء شفيقة وضحكها.
يقف الباشا تدريجيا بعد أن كان على أطرافه الأربعة أمام زوجته والخدم متفاجئا وتقف شفيقة وراءه مرددة “يا حلاوتك يا باشا”.
مكسورا تكسوه مشاعر الذل يلتف الباشا ويسأل “عملتيها يا شفيقة”، لترد عليه بزهو “نبقى خالصين يا باشا”.
لاحقا يتناول الفيلم مشهد مواجهة الباشا مع زوجته بعد عودته إلى المنزل، التي ترى فيه خادعا وكاذبا، يحاول الباشا تهدئتها والاعتراف بخطأه، إلا أن زوجته تكرر: “الباشا اللي طول 20 سنة خدمته تحت رجيله يركع ع الأرض لوحدة رقاصة، ويرتكب متل الخروف”
- ليوقفها الباشا هنا ويصرخ “كفاية بقى، أنا مستعد لأي ترضية.
- الطلاق.
- الطلاق؟ عايزة تفضحيني !!
- أنا ما يهمنيش فضيحتك، أن يهمني مصلحة بنتي سعاد، الطلاق هيتم بيني وبينك، من النهاردة أنا مش مراتك..”.
تناول الفيلم المشهد مكررا، حيث درج أن يقع السياسيون وكبار رجال الأعمال والنفوذ رهينة رغباتهم وعادة ما يتم إيقاعهم بهذه الطريقة لفضحهم وابتزازهم، وهذا ما ظهر أن شفيقة قد قامت به، لقد هزّت رجولته وبشاوته أمام زوجته وجعلته يركع أمامها وركبته كالخروف، استخدمت هنا الرغبة/السلوك كورقة ضغط وابتزاز وإهانة، كذلك الأمر في مشهد مواجهة الباشا وزوجته حيث تصرخ في وجهه مشككة في رجولته التي انخدعت بها لأكثر من 20 عاما، إذن في الفيلم ورغم أن الباشا يملك من الثروة والنفوذ والمال إلّا أن رغباته الجنسية كانت نقطة ضعف يمكن أن تهدم اسمه وصورته في المجتمع “عايزة تفضحيني؟!”، ويصبح الباشا الكبير مهدداً وخائفاً أن ينفضح وينكشف أمره.
تناول الفيلم المازوخية بطريقة سلبية ومهينة وأظهرها بصورة الوسيلة للابتزاز والإخضاع، بالإضافة إلى أنها تنتقص من الرجولة.
فيلم سيد درويش 1966.
يتناول الفيلم قصة حياة سيد درويش منذ نشأته و طفولته في الإسكندرية، وحتى وفاته المفاجأة عند عودة سعد زغلول من المنفى، مرورا بوطنيته خلال أحداث ثورة 1919، يركز الفيلم على قصة حب سيد درويش بالراقصة جليلة ويسلط الضوء على أبعاد حياته الاجتماعية والخاصة أكثر مما يركز على معاناته ومسيرته الفنية والموسيقية.
تظهر احد المشاهد في الفيلم شخصية “عباس” ويبدو في المشهد ثملا، مع الراقصة “جليلة” التي تتمثل أهم أمنياتها في تأسيس فرقة موسيقية لها لتنافس الراقصات الأخريات، في المشهد يتعهد عباس بتأسيس فرقة وتخت موسيقي لها.
- يمسك عباس بقدم جليلة ليضع لها خلخالاً، ينفخ على قدمها ويمسح بكم ثيابه كأنه يقوم بتلميع جوهرة متساءلا “فين الجواهرجية يا عالم” في إشارة لجمال جليلة، ويضع الخلخال ويصدر صوت جرو صغير ويقبل قدمها بنهم، ليقول لها بعد ذلك “أنا من دلوقت تحت الأمر والطب وسرعة التنفيذ”.
كما في الفيلم السابق، تظهر الشخصيات بصورة نمطية وفي قوالب سلبية حيث الرجل سكران ومغيب عن الرشد والمرأة راقصة، وكأن هذه الرغبة/السلوك الجنسي مرتبط فقط بغياب العقل والسكر ولا تقبل به الا الراقصات، تعود السينما العربية من جديد لتقدم صورة مشوهة للرغبات الجنسية المكبوتة ولتقترن في ذهن المشاهدين بصورة سلبية غالبا “الخيانة، الخمر وغياب العقل، …”
فيلم حافية على جسر الذهب 1976.
تهوى كاميليا التمثيل حيث تتعرف بالمخرج المنتج أحمد سامح الذي يتفق معها على بطولة فيلمه الجديد. يحاول الباشا عزيز صاحب النفوذ التقرب منها ولكنها تصده. تتفق مع أحمد على الزواج فيهددها عزيز بقتله. تقرر التضحية بحبها فتعامل أحمد بجفاء وتصده، ومن أجل الضغط عليها يعتدي أعوان عزيز على أحمد ويصاب. تساوم كاميليا عزيز بأن يسمح لأحمد بالسفر للخارج للعلاج مقابل أن تهبه نفسها فيوافق وفي الطائرة يتسلم أحمد خطابًا من كاميليا تعترف له بالحقيقة، تذهب كاميليا لمنزل عزيز بإرادتها وتقوم بقتله.
يتناول الفيلم شخصية الباشا “عزيز” صاحب النفوذ والسطوة، ورغبته بكاميليا مقابل أي ثمن، يتناول المشهد جانبا من مازوخية الباشا عزيز، في ببداية الفيلم هدد كاميليا أنها ستضطر لتقبيل حذاءه ليعفو عن أحمد، لكن كاميليا حين يلتقيان ترفض هذا الشرط “حكاية إني أبوس جزمتك دي مش هتحصل”، ليبادر عزيز ويقول لها “أبوس جزمتك أنا” ويبدأ بتقبيل قدميها وحذائها، “وأعملها كاس كمان” ويشرب من حذاء كاميليا
- “تؤمري بإيه يا بطة”.
طبعا تطلب كاميليا موافقة الباشا على سفر أحمد للعلاج خارجا، مقابل أن تكون “تحت أمره”.
مجددا تتناول السينما العربية مازوخية الرجال ومشاعرهم ورغباهم المخفية مرتبطة بذات الصور “الرجل الشرير، المشروب، السطوة والنفوذ، …” أي ذات الصورة السلبية المكررة، بشكل أو آخر تعمل السينما العربية على وصم المازوخية الرجالية وشيطنتها أو اقترانها وربطها مع قلة الرجولة وتهديد الذكورة الشرقية.
فيلم شفيقة ومتولي 1978.
الفيلم مستوحى من حكاية شعبية شهيرة متداولة في كافة مدن الوجه القبلي، وتستند في الوقت ذاته إلى واقعة حقيقية، يتناول الفيلم أحوال القرى والمنطاق بعد استعداء الرجال للعمل في السخرة في قناة السويس، أحد الشبان الذين تم أخذهم هو متولي الذي ترك وراءه اخته وجده العاجز، يسلط الفيلم الضوء على حياة شفيقة في ظل غياب أخيها وسوء الأحوال الاقتصادية والظروف المعيشية، علاقتها مع ابن شيخ البلد وهروبهما، وعلاقتها مع الطرابيشي وموافقتها أن تصبح عشيقته، ثم كشفها لعمله وعمل الأفندي رجوعها إلى بلدتها الذي يتزامن مع عودة أخيها متولي وعلمه بعلاقتها مع دياب ابن شيخ البلد، لكن الأفندي يسبق متولي ويقتل شفيقة لكي يحافظ على سره وسر الطرابيشي.
في أحد المشاهد يتناول الفيلم علاقة أفندينا العابرة مع شفيقة في احد البيوت والحلقات الغنائية الشعبية، حيث يطلب الأفندي من شفيقة أن تضربه بالسوطُ.
المشهد ولو كان قصيرا إلا أنه الأكثر جرأة مع الأفلام السابقة، حيث تظهر رغبة الأفندي المازوخية ومدى رضاه ونشوته بعد أن لبت شفيقة رغبته وضربته بالسوط.
لكن رغم ذلك ما زالت المازوخية الرجالية كما في غيرها من الأفلام السابقة مرتبطة بصفات سلبية، حيث عمل أفندينا المشبوه بتجارة العبيد على سبيل المثال، وذات الصورة عن المرأة حيث تعاني هنا في حالة شفيقة من رفض مجتمع بلدتها لها وسوء أحوالها الاقتصادية والمعيشية على سبيل المثال، يتم تحميل مازوخية الرجال آثام وسلبيات شخصياتها، تظهر بالنهاية هذه المشاهد تصورات للمشاهدين بأنه المازوخية عمل شرير أو سيء.
فيلم درب الهوى 1983
يتطرق الفيلم لفترة الأربعينات من القرن الماضي وهو مجموعة مترابطة من القصص والأحداث، أهمها شخصية الوزير “حسن عابدين” الذي يرأس حزب “الفضيلة والشرف” والذي ينادي لإغلاق بيوت الدعارة ومحاربتها.
يتناول الفيلم في أحد مشاهده مازوخية الباشا الوزير حيث يستمتع بشتمه والتقليل من كرامته، ويحب الرقص أمام المرأة وأن يكون خادمها، ويذهب بشكل دائم إلى دار للدعارة، يصور المشهد المرأة الأولى التي لا تعلم ما يهواه الباشا وكيف تلبي رغباته ليجن جنونه كلما قالت له “يا سعادة الباشا” ويصرخ في المسؤولة عن الدار بأنه يريد من تلبي حاجاته “أنا عايز وحدة تهزئني، تهزئني، تهزئني ..” إلى أن تأتيه صاحبة الدار بمن ترضي رغباته، حيث تشتمه وتوجه له الإهانات وتكون السيدة وهو الخادم.
عكس الفيلم مشاهد جرئية تتحدث بشكل أكبر عن المازوخية الرجالية ولكن اقترنت أيضا بصورة أو شخصية سلبية، فالشخصية في الفيلم هي سياسي فاسد يتصرف في العلن لمحاربة بيوت الدعارة، في حين يتصرف بالخفاء بطريقة مختلفة كليا ويرتاد بيوت الدعارة، مجددا اكتنفت “مازوخية” الرجال التصور السلبي العام “سياسي فاسد، بيت دعارة، ….. والرجولة الشرقية المتخيلة”.
فيلم المشاغبون في البحرية 1992
يدور الفيلم حول قصة ثلاثة أصدقاء ينتمون لحارة واحدة، الأول حسين أبو المعاطى الذى يمتلك مستودعا صغيرا للبوتاجاز، والثانى مرسى الزناتى ابن صاحب معرض السيارات الثرى ، والثالث معلش الشاب الفقير المكافح، يتم استدعاء الأصدقاء الثلاثة للخدمة العسكرية بسلاح البحرية بالإسكندرية ليتعذر زواج حسين من محبوبته الراقصة كهرمانة لصعوبة حصوله على شقة للزوجية، كما يفشل معلش فى الزواج من شقيقة مرسى صديقه لأن والدها رفضه لفقره، أما الثالث (مرسى يحب (نيفين ابنة عواطف التى تسعى لزواج ابنتها من الزناتى الثرى المولع بنيفين التى تتمنى الزواج من مرسى.
في أحد المشاهد يتم الحوار التالي بين أبو المعاطي والفتاة كهرمانة التي تقوم بالتحضير لقدومه الى منزلها والإيقاع به.
- أهون عليك تسيبني الفترة دي كلها.
- ده أنا أبوس التراب اللي تحت رجلك، أبو المعاطي وأهل أبو المعاطي تحت أمرك، دا أنا خدام جمالك.
- وحشتني يا أبو المعاطي.
- وانتي وحشتيني يا عيون أبو المعاطي.
- بوس ايدي،
- أبوس ايدك.
- والتانية.
- قلعني الجزمة، … والتانية.
- بوس رجلي.
- أبو المعاطي متحسسا قدمها “أبو الدهب” ويقبل قدمها.
- والتانية.
أثناء ذلك يختبأ الآخرون في البيت ويشاهدون فعل أبو المعاطي، الذي يتعرض لهجوم حاد منهم
“كفاية يا أبو المعاطي، كفاية هزئت روحك (نفسك) يا أبو المعاطي”
“عاجبك البدلة اللي إنتا فيها دي، تفرجي الناس عليك، أقول إيه لصحابي دول (ويشير لأصدقائه)، أنا اللي كنت فاكرك راجل قانون ومتعلم”
“دا انتا اللي بتدافع عن مصالح الناس وحقوقهم …”
يتعرض أبو المعاطي للتوبيخ والانتقاد على ما فعله مع كهرمانة، مستنكرين عليه ذلك، حيث تم الربط بين رغبته واهتمامه وسلوكه الجنسي وبين عمله وتصرفاته بين الناس، في المشهد حالة مكثفة ومختصرة عن تعامل وعرض السينما العربية لأي سلوك أو اهتمام جنسي مختلف عن السائد، حيث تم التشكيك بتعليم وعمل أبو المعاطي بناءً على أظهر من رغبة واهتمام اتجاه كهرمانة.
المشهد مبتذل وتم الإيقاع بأبو المعاطي بهذه الطريقة لابتزازه وفرض التسوية المالية التي تريدها كهرمانة أمام عائلته وأصدقائه، حيث اضطر للقبول، إذن مجددا تظهر السينما العربية الاهتمام/التوجه الجنسي المازوخي لدى الرجال على أنها انتقاص من رجولتهم، أو مبرر ووسيلة لابتزازهم، بشكل أو بآخر فإن هذا النوع من الاهتمام الجنسي تم تشويهه في السينما العربية.
فيلم بنت من دار السلام 2014
أمنيه 26 سنه، تخرجت من مدرسة ثانوية تجارية، وعملت فى صالة مزادات لتساعد والدها وإخوتها على المعيشة، حيث تعيش معهم فى شقة صغيرة فى دار السلام، ويعمل والدها مصطفى(صبرى عبد المنعم) سائقا لتاكسى، واحتياجاتهم المعيشية اكبر من دخلهم، ولاحتياج والدها لمصاريف إعالة أبناءه، اضطر للموافقة على زواج ابنته أمنية من صاحب شركة الصرافة عربي الحسينى (محمود الجبلاوى) رغم انه في العقد الخامس من عمره، وهو مطلق من زوجته الغير مصرية، ولديه ابنة شابة في حضانة طليقته التي مازالت تعيش فى مصر، ووافقت أمنية من اجل مساعدة أسرتها، والتزمت بطاعة زوجها الملتزم، ونفذت كل أوامره، وزاد إعجابها به، بعد التزامه بعلاج أبيها إثر حادث، وقام بإصلاح التاكسي له، كما قام بتسليمها مبلغ ألفين جنيه لزوم نقوط ابنة خالتها نهى على خريج كلية الطب سامح (ماهر عصام)، وهو الشيء الذى أثار انتباه ابنة خالتها الأخرى ساميه (رحاب الجمل)، فحاولت إغراء الحاج عربي ودعته منزلها ولكنه صدها. كان لسامح زميلين بكلية الطب وكان ثلاثتهم يعانون من مشاكل جنسية أثرت على تقبلهم لدراسة الطب، فقد عمل سامح مندوب للدعاية بشركة أدوية، أما صديقه رؤوف (محمد الدقاق) أخذها من قصيره وعمل مدرسا للأحياء، بينما ترك اسعد (حسن عيد) الطب وعمل بالإنقاذ البحري، وقد كانت رغبات الثلاثة الجنسية الغير عاديه، لم تصل لحد المرض، ولكن ساميه علمت من ابنة خالتها أمنية، أن زوجها عربي يميل لاستعمال العنف والتأنيب معه، قبل ممارسته للجنس، ولسابق خبرة ساميه في هذه الأمور، علمت أنه مازوخي يرغب في استعمال العنف معه والتعذيب والضرب بالكرباج، قبل ممارسة الجنس، فسعت إليه للمرة الثانية، وعرضت خدماتها وقدمت له كل ما يراه ملائماً له قبل أن يمارس الجنس معها، فى مقابل ابتزازه المادي، فدفع لها بسخاء، وقد عرضت أمنية الأدوية التي يستعملها زوجها، على إبنة خالتها نهى، والتي سألت زوجها سامح، فأخبرها أنها أدوية اكتئاب وانفصام، وحاولوا مقابلة زوجته السابقة لمعرفة حالته، ولكن أمنية رفضت خوفا من زوجها، فحاولوا مقابلة ابنته شهد، إلى تتردد على سنتر الدروس الخصوصية التي يعمل بها رؤوف مدرسا للأحياء، غير أن أمنية خافت من نتائج مواجهة زوجها، فإستغلت احتفالهم بمرور عام على زواجهما، والسفر فى اجازة بأحد القرى السياحية، ووافق زوجها عربي، خصوصا أن سامية تزوجت وامتنعت عن الاتصال به، غير أن سامية فاجأت عربي بالاتصال لإحتياجها للمال، وطلبت منه اختصار مدة الإجازة، وفى القرية السياحية رفض عربي رغبة زوجته أمنية للنزول للماء، غير أنه وافق أخيراً، بشرط النزول بملابسها، وهو الأمر الذي رفضته إدارة القرية، وسمحت لها بنزول الشاطئ بملابسها في الصباح الباكر، ولكن أمنية تعرضت للغرق، وحاول حراس الشاطئ إنقاذها، فتصدى لهم عربي ومنعهم، ولكنهم أمام حياة إنسان تغلبوا عليه وأنقذوها، مما دعاه لتركها على رمال الشاطئ وحيدة ورحل.
في هذا الفيلم يتم عرض المازوخية الرجالية بشكل مختلف من حيث الشخصية، عربي هو شخصية متدينة أو على الأفل تظهر ذلك، ملتزم دينياً، يظهر دوافع العمل الخيري في محيطه ومجتمعه، إلّا ان مازوخية “عربي” اقترنت بالنصب والاحتيال وتعرضه للابتزاز المادي من أجل إرضاء وإشباع اهتمامه ورغبته الجنسية، والشخصية “عربي” لم تخرج من دائرة السلبية التي أحاطت السينما العربية بها المازوخية الرجالية، الفيلم يعرض مشاهد أكثر جرأة ووضوحاً وتجسيداً للمازوخية، حيث “عربي” الذي يحب أن يتم جلده بالسوط وعقابه وإلقاء الأوامر عليه، و “سامية” في الفيلم تعي ما يرضي رغبات “عربي” وتمسك بزمام الأمور، حيث تعاقبه بحدة إذا خالف أوامرها، وتظهر الحزم والشدة في تعاملها معه، فهي تحدد أوقات ذهابه وإجازاته وإذا ما بإمكانه الرد على اتصالاته الهاتفية أم لا وأين يذهب ومتى وغيرها من الأمور.
الفيلم ذا إنتاج حديث نوعاً مقارنة بالأفلام السابقة وهو ما يبرر غالباً زيادة وجرأة المشاهد حول المازوخية الرجالية مقارنة بالأفلام السابقة، إلا أن الفيلم حمل ذات الصور النمطية والسلبية حول مازوخية الرجال.
خلاصة:
من خلال الأفلام السابقة التي تمت مشاهدتها ومراجعتها، يمكنني رؤية وبشكل واضح أن هناك صورة ضبابية ومتخلفة عن المازوخية بشكل عام والمازوخية الرجالية بشكل خاص، فهي في معظم الأفلام تنتقص من رجولة وذكورية “الرجل”، وهي نقطة ضعف يمكن خلالها ابتزازه والضغط عليه، وهي من منظور المجتمع العربي حسب ما صورت الأفلام فعل غير أخلاقي ويقلل من شان من يقوم أو يرغب به، وهو فعل يجلب “العار” والفضيحة لصاحبه، لقد ربطت الأفلام المازوخية بصور سلبية وروجت للمازوخية الرجالية على إنها مستنكرة ومرفوضة اجتماعياً، يسعى من لديه مثل هذه الرغبات والاهتمامات الجنسية على ممارستها بشكل سري والتكتم عليها، لأنها إذا ما خرجت للعلن ستواجه بالرفض والاستنكار المجتمعي.
يتسم تناول المازوخية الرجالية في السينما العربية بالضعف والتشوه، فقد نقلت صورة مشوهة عن المازوخية بشكل عام وربطتها بقيم وعادات ورفض مجتمعي حاد، تماماً مثل أي قضية اجتماعية لا يتم الحديث عنها بالعلن حتى لو كان المجتمع يدرك وجودها ويمارسها.
في الأفلام السابقة أيضاً أخذ صناع السينما العربية على عاتقهم تشويه شخصية الرجل المازوخية نفسه، فالرجل المازوخي في الأفلام كان محتالاً، أو معتدياً، أو خائن لبيت الزوجية، وسمت الأفلام جميع شخصيات الأفلام السابقة بسمات سلبية وسيئة وغير مقبولة اجتماعياً، وألصقت بها صفات السرقة أو الاعتداء … تظهر المراجعة تياراً واضحاً يحاول تصدير المازوخية الرجالية وغيرها من القضايا التي تتعلق بالجنسانية في المجتمعات العربية بصورة “البعبع” حيث صورت أي رغبة أو احتياج مغاير للسائد والمتعارف عليه كفعل شائن، وغير مقبول وصادر عن شخص غير سوي.