أجرى المقابلات موسى صالح
إعداد موسى الشديدي
تصميم وتخطيط سمر زريق
هذا المقال من ملف ‘الهجرة والغربة’ – هيكل العدد هنا
“هيك أنا عايشة مع الشمسية، بس بتشتي (تمطر) الدني بخبي حالي بالشمسية، مارلين مونرو تزعلوش مني”، هكذا وصفت سوزي “أول متحولة جنسيا في لبنان” ذات 45 عاما تشردها سنة 2015 في أول ظهور إعلامي لها على شاشة قناة الجديد مع الإعلامية ريما كركي في برنامج للنشر، وكان مطلبها الوحيد هو بيت تنام فيه ليلا. لتتناقل وسائل التواصل الاجتماعية خبر وفاتها في أول أشهر 2020، في فيديوهاتها الأخيرة وجدناها تشتكي بحثها عن الطعام في حاويات قمامة بيروت، قائلة “الكلاب عايشة أحسن مننا… حنوا علي قبل ما أموت… حياتي كتير صعبة هيك بدي موت أنا… شو هالدولة هيدي يا عيب الشوم نحنا لبنانية ما عم ناكل” ولأسباب صحية فارقتنا سوزي بشكل مؤسف ومرعب عن عمر يناهز الـ 66 عاما، هذا كله قبل الأزمة الاقتصادية وقبل انتشار جائحة كورونا وقبل انفجار مرفأ بيروت.
هنا نسرد قصص لنساء متحولات/عابرات/ترانس عاملات في الجنس في مدينة بيروت، وصراعهن في العمل في فترة الكورونا وتحديدا بعد انفجارات المرفأ في بيروت في شهر أغسطس ٢٠٢٠.
تيا
10 أغسطس، ٢٠٢٠
“أنا منفصلة عن أهلي من زمان كتير ما في تواصل بيننا، المصاري اللي كنت بطلعهن من الجنس أحيانا كان يكفوني أجار بيت وأكل وشرب، بس الأحيان الأكتر لا، فكنت أدين من أصحابي”.
عن علاقتها بالمنظومة الصحية في لبنان قالت لنا:
“ما بعمري لجئت لمستشفى بلبنان لأني أول شي أنا مني لبنانية أنا سورية، تنين أنا ما في معي وراق أنا هربانة من أهلي من سوريا، تلاتة بخاف فوت عالمؤسسات الطبية لحالي.”
وفي ظل جائحة كورونا تفاقم الأمر:
“بالنسبة إلي الشغل انتهى، لأن صحتي أهم من أي شي، حاليا عايشة على المساعدات يلي بتقدمها بعض الجمعيات، إعاشات وأكل، وما حاولت فتش عشغل بمطعم أو كوفي شوب، لأن عندي تجربة سابقة بمطعم وتعرضت فيه للتحرش وكان صاحب المطعم رح يغتصبني وكانت الظروف صعبة وكنت عايشة بالمطعم وكان عم يستغل هالشي، وأنا ليدي بوي ما فيني لاقي شغل بسهولة”.
بالانفجار بيت تيا تكسر كل زجاج النوافذ والأبواب تحطمت، حيث يقع بيتها بالقرب من مكان الانفجار، ولم تتواصل أي جهة معها لمساعدتها حتى لحظة المقابلة.
“من لما كان عمري 17، بخاف روح عالقطاعات الطبية بسبب التنمر، مع انتشار فيروس كورونا خف العمل وتدهورت حالتي المعيشية، بسبب اتباعي سياسة الحجر والوقاية، بحصل على مساعدات من بعض الجمعيات…”
نجلا
9 أغسطس، ٢٠٢٠
“من أنا وصغيرة أنا بشتغل بالجنس، صار معي حادثة اغتصاب كان عمري شي 12 سنة، ومن وقتها صرت أخد مصاري مقابل هالشي، كنت قبلها بحب ألبس تياب نسواني وشكلي بنوتي”
وحيال علاقتها بالمنظومة الصحية في لبنان أخبرتنا:
“إذا احتجنا نروح عالمستشفى بيتمحزقو فينا، ونظرتهن غلط، أذا مش من الدكتور بيكون من الناس الموجودين، وين ما بتروح بتلاقي قلة الاحترام، أنا الحمد لله ما في شي عندي، ما بحتاج مستشفى بس أنا عندي ماما مريضة أنا معيشيتها، وما بيشغلونا بيطلعو فينا باستحقار، إنو شو بدو يطلع منك، ومن أول قصة كرونا ما في شغل بالجنس، متل ما بيقولو ‘حاطط حبل المشنقة وعم بمشي’، أكيد وقف الشغل، إذا بدك تعمل صحن بطاطا صار بدك راس بندورة من عند حدا، أغلبية زبايني عملولي بلوكات بفترة كرونا.”
وبعدها صار الانفجار “بيتي تهدم، بيتي راح، كانوا عم بيطلعو لكل العالم أكل إلا أنا لا، بس لأني ترانس، دقو جمعيات الميم اطمنو وبعدني عحطت ايدك ما شفت شي”.
سونيا
30 يوليو، ٢٠٢٠
تعمل سونيا في الجنس منذ كانت في ال 18،
“ما بيفوتو المتحولات عالمستشفى، بدك تدفع مصاري، وأنا ما معي ادفع مصاري، مرة كانو أخديني صار معي حادث تسمم، دقينا عالصليب الأحمر أجى عملي الاسعافات الأولية، وقالولي “ما منقدر ناخدك عالمستشفى، بما انك متحولة ما عندك حقوق”
وفي ظل جائحة كورونا:
“ما عاد معي مصاري بالمرة وقت الكورونا، ما في شغل وأكتر الناس صارو يخافو، اضطريت اشتغل عند حدا متل المذلولة، بس ما كانو يوثقو فيي لاني متحولة كانو يخافو مني.”
“حكيت مع حلم، ما بيعطو مصاري بس بيعطو صناديق طعام، جابولي مرتين وعم بحكي معهم هلاء ما عم يردو علي ما بعرف ليش، وموزاييك وفرولي مساعدة مالية لمرة وحدة بس، في ناس بيجيبولي غراض، وقت دفن سوزي تعرفت على ناس كتير عم بيساعدوني. في شغل خفيف بس مع الزباين يلي بوثق فيهم.”
“كانو بيوزعو مساعدات 400 ألف (وهي مساعدة من الحكومة اللبنانية قام الجيش اللبناني بتوزيعها على العوائل الأشد فقرا) قيدت اسمي مع الناس المحتاجة قامو قالولي انتي ما بيحقلك انتي متحولة، كل الناس يلي معي قبضو إلا أنا.”
دولي
9 أغسطس
“من لما كان عمري 17، بخاف روح عالقطاعات الطبية بسبب التنمر، مع انتشار فيروس كورونا خف العمل وتدهورت حالتي المعيشية، بسبب اتباعي سياسة الحجر والوقاية، بحصل على مساعدات من بعض الجمعيات…”
الخاتمة
لقد تبين لنا من خلال المقابلات التي أجرينها أن النساء المتحولات/العابرات/الترانس/الليدي بوي/الشيميل خصوصا العاملات بالجنس والمعتمدات عليه في المعيشة وإعالة عوائلهن، يتم اقصائهن من المنطومة الصحية اللبنانية في ظل الجائحة ومن المساعدات والمعونات المتعلقة بالمتضررين/ات اقتصاديا من كورونا ومن انفجار مرفأ بيروت الأليم معا، وهو ما يزيد احتمالية تغريبهن عن المجتمع واستغلالهن وتعرضهن لعنف أكثر من السابق، والوضع في تدهور مستمر.