بقلم: منى علي*
الصور: نُشرت بتصريح من/بموافقة فوتو ستوديو الأمين
ملاحظة: تم استخدم الصور لأسباب تعبيريية وذلك لعكس محتوى المقال.
هذا المقال من ملف عدد ‘الزواج و الأعراس’ – هيكل العدد هنا
عادة ما يكون قرار الارتباط الرسمي صعبا على الأشخاص الذين قرروا اتخاذ هذه الخطوة، بحكم تأثيره وتغييره حياة الإنسان بالكامل في الكثير من الأحيان، ورغم أن الحب والتعايش والانسجام يجعل من هذا القرار أسهل بكثير ولكن تبقى اعتبارات أخرى تجعل من هذا القرار الأصعب في حياة الشخص في بعض الأحيان.
وفي حالة كان الشخص يخفي هويته الجندرية أو ميوله الجنسية فأن ذلك يجعل من الأمر أكثر صعوبة، ويُعقِد العلاقة بين الطرفين وهو ما قد يؤدي إلى اختلال في العلاقة الزوجية وربما الانفصال في الكثير من الأحيان.
أن النظرة المجتمعية لمتعددي الميول الجنسية والهويات الجندرية قد تدفع بعض الأشخاص إلى إخفاء ميولهم/ن وهوياتهم/ن وعيش حياة مزدوجة، واحدة ظاهرة والأخرى سرية، وهذا ما قد يقود لعلاقات عاطفية أو جنسية وحتى إلى الزواج بمن لا يميلن/ون له/ا ولا يحبذنه/ونه، و لكن هذه التجارب قد تكون أيضا باختيار الأشخاص في الخوض في تلك التجارب وليس بالضرورة لإرضاء المجتمع والعائلة، أو لتحقيق صورة نمطية ومثالية نتربى عليها… إن حالة كل فرد\زوج مختلفة باختلاف الظروف وطريقة تعاملنا مع مفهوم مؤسسة الزواج. ولا يهدف هذا التقرير للحكم على أي من الداخلين/ات في هذه العلاقات، سواء كان الشخص المغاير/ة جنسيا أو المثلي/ة الجنس، سواء العابر/ة جندريا أو جنسيا أو المتوافق/ة مع الجنس المولود به، ولكنه توثيق لحالات حقيقية وقعت والنظر في كيفية تطور الحالات في بعض الأحيان لحب كبير وتفاهم، وانتهاء بعضها الآخر بمشاكل وألم نفسي وخيبة.
أخفى ميوله
التقت ”ماي كالي“ بـ“سعاد“* وهو اسم مستعار، لباحثة في مجال التنمية في مصر، والتي روت لنا حكايتها: ”كان هو إعلاميا معروفا على مستوى مصر، ألتقينا منذ فترة طويلة وتعارفنا وأصبحنا أصدقاء، بعدها بعدة سنوات تطورت العلاقة إلى حب وقررنا الارتباط، وذلك بعد معرفة دامت عشر سنوات، وكانت العلاقة طبيعية في البداية كأي علاقة بين شخصين بين مد وجزر، لكن بعد الزواج أصبح هو أكثر حبا للسيطرة على تصرفاتي وقراراتي وعلاقاتي، حتى إنه خيرني بينه وبين عملي، واخترته هو، ولم أفهم ما هو سبب هذا التغير“.
سعاد ارتبطت بشخص ثنائي الميول الجنسية، ولم تكن تعرف ذلك من قبل: ”كل شيء حدث بالصدفة البحتة، كنت أستخدم جهاز اللابتوب الخاص به، وفجأة وجدت بحث متكرر لموضوعات تخص المثليين، ثم حساب سري له على موقع ياهو مليء بسجل دردشات إباحية، ورسائل على موقع الفيسبوك مع رجل، يبدو من لغة الحوار إنه تربطهم علاقة عاطفية وجسدية، وأخيراً صور له ولعديد من الرجال عراة، ولكن الأكثر صدمة كان مقاطع فيديو له مع أكثر من شريك جنسي (رجل) وهو يمارس العلاقة الحميمة معه“ كما تشرح سعاد.
وتواصل: “في البداية لم أصدق برغم كل الشواهد وحاولت الإنكار، ثم وجدت أنه يعاود الاتصال بشريكه للاتفاق على موعد للقاء، أعتقدت أنه بإمكاني تشتيت انتباهه عن شريكه الجنسي (الرجل) بأن أساعد في التخلي عن مثليته، ولكنني اكتشفت أنه يمارس العلاقة الجنسية المثلية من أكثر من 10 سنوات فأيقنت أنه لا مجال لتغيير ميوله ولابد من الانفصال“.
تؤكد سعاد إنها تعرف أشخاصا من مجتمع الميم/عين إلا أن هذا الشريك كان الأغرب لأنه استطاع إخفاء ميوله عنها بشكل كبير، “كان متزوج قبلي ولديه طفلة فلم أشك إطلاقاً، كما إنني أكتشفت في وقت لاحق إنه يكون الشخص السالب في العلاقة الجنسية وهو ما صدمني أكثر“.
أثرت هذه العلاقة في حياة سعاد فلم تعد تثق بالرجال: ”فقدت ثقتي في الجميع وأقصد هنا جميع الرجال سواء مثليين أم لا“، وتضيف: ”كنت متعاطفة بعض الشيء مع مجتمع الميم/عين قبل هذه التجربة، أما الآن فلا يعنيني الأمر على الإطلاق وبحكم عملي في مجال التنمية المجتمعية لأكثر من 10 سنوات مع مختلف أفراد المجتمع لاسيما النساء والأطفال، أرى أنه في المجتمعات العربية يجب الاهتمام بالحق في الصحة والتعليم والعيش الكريم في الوقت الحالي“.
ودعت سعاد إلى المصداقية والشفافية في العلاقات العاطفية: ”على أي شخص يقرر الارتباط بشخص آخر لابد من أن يخبره بكل شيء سيؤثر على هذا الارتباط، سواء كان مثلي أو رجل متعدد العلاقات الجنسية مع نساء وللطرف الآخر حق الرفض أو القبول، وهذا ما أخبرت به طليقي، فمشكلتي لم تكن مع مثليته ولكن مع إخفاء هويته الجنسية عني وإنكارها حتى بعد اكتشافي لها بالرغم من كل الأدلة بالصوت والصورة التي كانت موجودة عليها من جهازه الخاص“.
”أهلي كانوا يعرفون حقيقتي، ولكنهم اعتقدوا أن الزواج سينسيني أو (سيصلحني)، والمجتمع بكل عاداته وسلطته يفرض على مجتمع الميم/عين الرضوخ لهذه القوانين، وهو ما يؤدي إلى تعاسة الكثيرين، وتحول الضحية إلى جلاد“.
تغيير الميول
لم يتوقع خالد* في حياته أن يختار الزواج من شخص مغاير، ولم يتخيل أن تتحول صديقته المفضلة والمقربة إلى غريمته في علاقة يطغي عليها حب السيطرة والتملك والغيرة.
خالد هو فنان من إحدى الدول الخليجية، سافر إلى دولة أخرى لاستكمال دراسة الماجستير، ومنذ اليوم الأول في الجامعة التقى بفتاتين كانتا تدرسان معه، وأصبحا من أقرب الأصدقاء، وبعد أسبوعين من التقارب والتعارف، أفصح لهما بأنه مثلي الجنس، وأحداهما ”الأجنبية“ تقبلت الأمر مباشرة وبدأت في اقتراح أشخاص لمواعدتهم، فيما الأخرى ”الخليجية“ فلم تكن لها ردة فعل واضحة، ولكن الأمر كان عاديا، ومع الوقت أصبحت أكثر تقبلا وتفهما للأمر.
”بدأت القصة عندما عدت إلى بلدي في إحدى الإجازات، فكتبت لي صديقتي الخليجية رسالة نصية عبر الهاتف بإنها تشتاق لي وأنها تحبني، وهو ما أثار دهشتي، فهي تعرف عن ميولي الجنسية، وكان ردي عليها بأنني أنظر لها كصديقة فقط“ هذا ما رواه خالد لـ“ماي كالي“ وهو يتحدث عن تجربة الارتباط من شخص من ميول جنسية مختلفة.
ويواصل: ”بعد عودتي للدراسة، كانت تتحدث من وقت لآخر عن مشاعرها، وعن حبها لي، وكنت واضحا معها بأن هذه العلاقة لا يمكن لها أن تنجح، فهي تعرف إنني لا يمكن أن أكون معها في علاقة عاطفية أو حميمية، كانت في كل مرة تنجرح، وتبتعد، وتعود المياه إلى مجاريها بعد عدة أيام، فنحن ندرس مع بعضنا البعض ولدينا مشاريع نقوم بها معا“.
يؤكد خالد إنه لم يكن يشك في ميوله للحظة واحدة، كان التقارب بينه وبين زميلته التي تحولت إلى صديقته المقربة يزداد يوما بعد يوم، فبعد استكمال دراسة الماجستير، تم قبول الإثنين في برنامج دراسي معاً لمدة عام، وظلت هي تضغط عليه عاطفيا، حسب تعبيره.
ويقول: ”حاولت خلال البرنامج الدراسي أن تقبلني في بعض المرات أو الاستفراد بي، كنت مصدوما ولم أحسن التصرف، كنت خائفا من جرحها وفي نفس الوقت لم أكن أتقبل الأمر، فلقد كانت لدي علاقاتي العاطفية المثلية في الوقت ذاته“.
في السنة الرابعة من صداقتهما، كانت الكثير من الأعمال والمشاريع تربطهما، كانا يساندان بعضهما البعض ويفهمان بعضهما البعض، فبادرت الزميلة بعرض الزواج على زميلها الفنان، فرفض خالد، ”ولكنها ظلت تعرض الأمر وتناقشه وتطرح ايجابياته، مؤكدة إنها تحترم ميولي الجنسية والعاطفية، ولكنها تحبني وتريد العيش معي، وربما في وقت معين إنجاب أطفال معا“.
يعترف خالد: ”ظلت تفتح الموضوع لمرات متكررة، أعجبتني فكرة العيش مع صديقتي المقربة، التي تفهمني، وتعرف ميولي، وتساندني، وربما في وقت ما ننجب أطفالا معا، فأنا أحب الأطفال“.
لم يكن خالد يتعرض للضغط من عائلته للزواج بفتاة، الضغط كان من الفتاة حسب تعبيره: ”اتفقنا على الارتباط الرسمي، بحفل زفاف وتعرف العائلتين وغيرها، كما اتفقنا أننا حرين في علاقاتنا، فقد عرضت عليها أن تكون لها علاقات خارج الزواج، ولكنها رفضت مؤكدة حبها لي“.
ويضيف خالد: ”التحول حدث في شهر العسل، عندما أصبحت تغار من كل شيء، وكان الخلاف هو رفيقنا خلال الرحلة، فقد كانت تفتعل المشكلات عند أي حديث، وكانت تريد التحكم في كل مجريات الرحلة، وكان الأمر غريبا تماما، فأنا أعرفها منذ ٤ سنوات، وسافرنا مع بعض من قبل من أجل العمل، وكانت إنسانة أخرى متفهمة ومحبة وداعمة“.
”بعد عودتنا من شهر العسل، استمرت الخلافات، واستمرت رغبتها في التحكم في حياتي، وأبدت عدم الرغبة في إقامة أي مشاريع معي أو تعاون في الأعمال الفنية، وهو جزء كبير مع علاقاتنا، كنت أستيقظ كل يوم وأنظر لها وأحس إنني أفقد جزءا مني، بينما هي تعيش حياتها كما تريد، أعتقدت أن هذا الزواج سيحافظ على الفريق الناجح الذي كوناه، وكنا مثالا للزوجين الخليجيين المودرن في الحقل الذي نعمل فيه، ولكن ذلك كله تبخر مع أول ريح“ يشرح خالد.
بقي خالد متزوجا لمدة عامين، ”حاولت إسعادها، وهي صديقتي المقربة التي أصبحت زوجتي، وكانت الشخص الذي إهتم بي ودعمني أيضا، وتهمني جدا، ولكن ذلك كله تغير بعد الزواج، وكأن الهدف كان أن تحقق رغبتها في تغيير وجهة نظري من الزواج من فتاة، ومن ثم تبحث عن هدف جديد لتحقيقه“.
لم يكن الانفصال سهلا كما يوضح خالد: ”حاولت خلال رحلة الانفصال أن تشوه سمعتي لدى عائلتها وفي مكان عملي وفي الوسط الفني، وهو أمر سيء، أدى إلى بعض الخسارات، إلا إنني استعدت حياتي“.
يختم خالد حديثه: ”نحن الاثنان ضحايا، هي ضحية تربية تعودت من خلالها الحصول على ما تريد، فيما حاولت أنا أن أتماشى مع قواعد المجتمع وعاداته ضد حياتي“.
الخروج من الخزانة
رندة، هي امرآة عابرة جنسيا وجندريا، أخبرت والدتها بإحساسها تجاه جسدها وجندرها منذ كانت في السادسة عشرة من العمر، ولكنها تجاهلت الأمر بالكامل، حسب تعبير رندة.
كانت تعيش رندة في إحدى دول شمال إفريقيا قبل أن تغادرها لاستكمال عملية العبور الجنسي والجندري، وهي اليوم تعيش في إحدى الدول الأوروبية بعد عدد من الاعتقالات والمشكلات التي حدثت لها في بلدها.
”تعرضت للضغط من قبل العائلة للزواج كرجل، فوجدوا لي امرأة عشت معها ٤ سنوات، أنجبنا خلالها طفلين، أحدهما مات بعد فترة قصيرة من الولادة، والآخر يعيش مع والدته في بلده الأصلي، بعد السنوات الأربع، أخبرت زوجتي بحقيقتي وإحساسي إتجاه جسدي ومشاعري، بعدها بقينا نعيش في نفس البيت لمدة عامين قبل أن أنفصل رسميا وأغادر البلاد لأبدأ عملية العبور“ تقول رندة.
وتُضيف: ”أهلي كانوا يعرفون حقيقتي، ولكنهم اعتقدوا أن الزواج سينسيني أو (سيصلحني)، والمجتمع بكل عاداته وسلطته يفرض على مجتمع الميم/عين الرضوخ لهذه القوانين، وهو ما يؤدي إلى تعاسة الكثيرين، وتحول الضحية إلى جلاد“.
تؤكد رندة التي أكملت علميات العبور الجنسي، وتعيش بسلام مع جسدها وهويتها: ”أكيد أريد أن أتزوج مرة أخرى، مع الشخص الذي أريد أن أتزوجه وليس الشخص المفروض علي من قبل أهلي والمجتمع“.
”اتفقنا على الارتباط الرسمي، بحفل زفاف وتعرف العائلتين وغيرها، كما اتفقنا أننا حرين في علاقاتنا، فقد عرضت عليها أن تكون لها علاقات خارج الزواج، ولكنها رفضت مؤكدة حبها لي“.
الصدمة
قصة سارة سعيد من السودان تحوي الكثير من الألم والضغوط الشديدة من قبل العائلة والأصدقاء، ابتداء من شكوك في الزواج إلى مواجهات لا تنتهي. كما أخبرت ”ماي كالي“: ”في يوم من الأيام كنت مسافرة في رحلة داخلية في السودان، وتعرفت على فتاة كانت تجلس بجانبي، وخلال الحديث الذي استمر ساعات الرحلة عرضت عليّ الزواج من خالها، وبدأت في عرض صوره عليّ، كان الأمر غريبا جدا بالنسبة لي فأن لا أحبذ مثل هذه الطريقة في اختيار شريك الحياة، إلا إننا تبادلنا أرقام الهاتف في نهاية الرحلة“.
بعد ثلاثة أشهر، تُفاجأت سارة بمكالمة من قبل الفتاة التي قابلتها في الطيارة، يخبرها بأنهم في طريقهم لسكن الطالبات الذي كانت تعيش فيه لرؤيتها والتعرف عليها، ”رفضت لانشغالي بالامتحانات، ولكنه أصر وألح وأعاد الاتصال بي عندما وصلوا للسكن، فنزلت لرؤية عريس الغفلة الذي كان صامتا، وكان واضحا فارق السن بيننا“، واعتقدت سارة أن الأمر توقف هنا فهي مشغولة بالامتحانات، لأفاجأ من جديد باتصال من والدتي تخبرني بأن عائلة العريس في طريقها لمنزل عائلتي لطلب يدي بشكل رسمي، وبعد الزيارة، عاودت أمي الاتصال بي، لتعبر عن رفضها لهذا الزواج، وقد وافقتها في ذلك، فأنا أيضا أرفض هذا الزواج، وقد أبلغناهم بالفعل بالرفض“.
وتضيف سارة: ”كان هناك الحاح واصرار غريب من جانبهم لاتعرف عليه، وأعطيه مجال، وتدخل الكثير من أقاربنا للتوسط، رغم إنني اتصلت بالعريس شخصيا ووبخته على كل هذا الإلحاح وأخبرته برفضي. إلا أن الالحاح لم يتوقف لأكثر من شهر، فقبلت الجلوس معه والتعرف عليه، ولا اخفي سرا بأنني التمست فيه الطيبه والشفقة، رغم أن داخلي رافض لهذه العلاقة“.
”وظل الضغط من العائلة والأقارب، حتى وافقت على عقد الزواج، وتم العقد، وسافر هو بعدها مباشرة، وظل الاتصال فاترا بيننا، وهو ما تسبب لي بصدمة أخرى، فبعد كل هذا الإلحاح الأمر اتجه ليكون باردا وفاترا، وكان يتحجج بضغط العمل“ كما تروي سارة.
وأخبرتنا سارة بأن موعد الزفاف قد جاء، بعد عام من عقد الزواج، وقد قامت سارة بالتجهيز لكل شيء لوحدها بحكم تواجد عريسها خارج البلاد، وقبل الزفاف بأربعة أيام، أخبرها بأنه غير قادر على المجيء للحفل وأنه عليّها الالتحاق به بعد الحفلة، وهو أمر رفضته وكانت غاضبة جدا، ولكن هذا ما حدث بالفعل.
وتسرد سارة: ”في اللقاء الأول في المطار، أخذني للفندق وحاول إجباري على ممارسة الجنس معه، وعندما طلبت منه أن يكون لطيفا وأن يكون الأمر على أساس الملاطفة والحب، لم يستطع القيام بالمهمة، وبعد الحديث والنقاش، والبحث عن السبب، اتفقنا على الذهاب لاستشارة الطبيب، وهو أمر رفضه في البداية، ثم قَبِل ولكن ليس برفقتي، واكتشفت لاحقا إنه كذب علي ولم يزر الطبيب، فخفت كثيرا، فأنا مع رجل غريب، في بلد غريب، وهو لا يحبني، وهناك مشكلة نفسية أو طبية وهو يكذب علي ولا يريد حلها، فقررت العودة إلى السودان“.
تأزمت العلاقة بين سارة وزوجها ولكنه طلب منها الصبر وإنه سيحاول حل المشكلة، وبعد أسبوع اقترح أن يسافران إلى منطقة سياحية ورومنسية، وهذا ما حدث إلا أن ذلك لم يغير من البرود بينهما، حسب تعبير سارة، ”راودني الشك عندما ذهبنا لجلسة تدليك، وطلب هو أن يكون الشخص الذي يقدم له الخدمة رجلا، وبعد أن انتهيا، لاحظت نظرة غريبة بين الرجل وزوجي“.
تقول سارة: ”إحدى صديقاتي في السودان قالت لي بأنه قد يكون مثلي الجنس عندما أخبرتها عن مشكلة الانتصاب، ولكن كانت لدي نظرة تقليدية للمثلين بأنه يجب أن يكون ناعما وأنثويا“.
تقول سارة: ”جاء وقت العودة إلى البلاد لاستكمال الدراسة، وطلب مني أن أخفي أمر المشكلة الجنسية بيننا، وهو ما حدث، ولم تكن تربطنا خلال عام كامل إلا إن ه يرسل لي مصروفا، وعندما أنهيت الدراسة ذهبت للعيش معه، وكان كل منا في غرفة ولا تربطنا أي علاقة لا جنسية ولا عاطفية، وهو ما دمر نفسيتي، ثم لاحظت إنه يجري ليلا مكالمات طويلة عبر الفيديو، ولاحظت في إحدى المرات إنه يصور عضوه وهو منتصب، وهي المرة الأولى التي أراه منتصبا، فقررت مراقبة هاتفه، واكتشفت محادثات وقصة حب وغرام مع شاب، وهذا الشاب كان يعيش معه قبل زواجنا“.
قررت سارة أن تواجهه، فبدأت بإثارة الموضوعات المتعلق’ بالمثليين أمامه، وتبين له أن موقفها داعم، ولكن دون فائدة، وفي إحدى المرات سألته لماذا لا يرغب فيها، فكان الجواب: “لأنك قبيحه وسمينه ووسخة وتشبهين الرجال“ سارة التي عاشت صدمات متتالية مع هذا الرجل، تُصدم مرة أخرى بما يقول، وتنفعل، ويتحول الموضوع لمشادة وعنف وتتدخل الشرطة لحل النزاع، وبعدها وقع الانفصال.
اكتشفت سارة أن أهل زوجها الذين أصروا على زواجها منه وعملوا المستحيل لقبولها به، كذبوا عليها وأخبروها بإنهم أرسلوه للخارج للدراسة، فيما كانوا هم من طردوه من البيت، كما أنه يحضر رسالة الدكتوراة فيما هو لم يكمل الثانوية العامة، وكان الزواج للتغطية على حياته الشخصية وميوله الجنسية التي يعرفون عنها منذ كان في السابعة عشرة من العمر، وكانوا يعولون على أن تستطيع امرأة تغيير ميوله حسب تعبيرها.
وتقول سارة بإنها كانت لا تعلم شيئا عن مجتمع الميم/عين، وكانت رافضة له، إلا إنها بعد هذه التجربة أصبحت من أكبر الداعمين، ”هم فئة موجودة في المجتمع وعلينا احترامهم واحترام حقوقهم وميولهم ولا حاجة للضغط عليهم للزواج أو لتغيير ميولهم لأن ذلك لن يحدث“، كما تقول سارة.
تفاهم وتقبل أو كذب وخداع
أكدت إحدى المشاركات في الاستبيان الذي نشرته ”ماي كالي“ إنها شخص ثنائي الميول الجنسية ومتزوجة من شخص ثنائي الميول الجنسية، وإن العلاقة لازالت قائمة لأن هناك توازن فكري وعاطفي وحميمي مع الشريك، وتقول: ”نعلم عن ميول بعضنا البعض قبل الزواج، ولا يمكن لضرر أن يأتي من أشخاص بالغين عقلاء متغاضين، وإنما من المجتمع الذي يضغط على أفراده للالتزام بالأدوار الجندرية المؤذية“.
فيما تقول أخرى شاركت في الاستبيان إنها أيضا تحمل ميولا مثلية، وكانت متزوجة من شخص ثنائي الميول الجنسية، وكان يربطهما التفاهم المشترك والميول المشتركة إلا إنهما كانا خائفين دائما من نظرة المجتمع لهما، وأن تقبل المجتمع للأشخاص من مجتمع الميم/عين سيساهم في تقبل الأفراد لذاتهم/ن“.
وأكد شخص آخر شارك في الاستبيان أن هناك العديد من مصادر المعرفة حولنا مع التطور العلمي والتكنولوجي، و“الاختلاف طبيعة موجودة في الحياة“ لذا على المجتمع أن يتقبل الاختلاف.
ودعت إحدى المشاركات في الاستبيان لإلغاء القوانين القمعية المجرمة تجاه مجتمع الميم/عين، ودعت الناس لتقبل الآخرين واصفة إياهم/ن بـ“الطبيعيين“، وبينّت من خلال مشاركتها في الاستبيان أنها متزوجة برجل عابر جنسياً، وإنها اكتشفت الأمر بعد أن عبرت له عن مشاعرها، فأفصح لها عن كونه عابر جنسي، وقررنا الارتباط رغم أن أهلي عارضوا الأمر، وأنا سعيدة في هذه العلاقة“.
وعاشت مشاركة أخرى في الاستبيان تجربة مختلفة مع عابر جنسي، فقد عرفت بحقيقته قبل الارتباط، ولم يمنعها ذلك من اختياره كشريك لها لأنها كانت تحس بأنه رجل وليس إمرأة، ولكن ”كان دائم الشعور بالتقزم وبعض الاعتلالات النفسية للأسف وقلة الثقه بنفس، فهو كان يرى أنني أستحق أفضل منه كما إنه فارط التحسس“، وتقول: ”انتهت العلاقة لأنه رأى بأنني شخص غير مناسب له للارتباط رغم قوة علاقتنا، كان يرغب بعلاقة تريحه وتناسب ظروفه“.
مشاركة في الاستبيان، إنتهت علاقتها بالطلاق من شريكها الذي لم يخبرها بميوله الجنسية واكتشفت ذلك بالصدفة عندما استخدم زوجها جهاز الحاسوب الخاص بها لمراسلة شبان آخرين، تقول: ”كنت أتمنى أن يخبرني بالحقيقة وعدم خداعي للتستر على ميوله الجنسية قبل الزواج وانجاب طفلين، فلقد دمر حياتي“.
وتضيف: ”غضبت جدا وأصابني حزن شديد عندما اكتشفت ميوله الجنسية، وقد فسر ذلك عدم قدرته ممارسة الجنس معي بشكل طبيعي، فقد شعرت بأنني ضحية للكذب والخداع“.
وتمنت مشاركة أخرى أن يتقبل المجتمع ميول الآخرين و خياراتهم/ن بالحياة، وذلك بعد زواجها من مثلي الجنس، وهو صديق لها وكان يواجه مشكلات مع أهله وأخبرها إنه يريد الزواج حتى يهرب من تلك المشكلات، فيما كانت هي تواجه أيضا صعوبات مع أهلها من نوع آخر، فقررا الزواج للهروب من العائلتين.
وقالت بإنها كانت تعلم عن ميوله قبل الزواج، ومتضامنة جدا معه ومع مجتمع الميم/ عين ”لأنني أعرف تماما ماذا يعني أن تكون تحت ضغط مجتمع لا يفهم احتياجات وخياراتك“
القصص التي رصدناها لكم/ن تكشف واقع المجتمع الذي يخفي وجود مجتمع الميم/عين، ويتخفى وراء علاقات زواج إجبارية في بعض الأحيان قد تنتهي بفشل ذريع وألم وقد يتفاهم الطرفان فيها، وعلاقات أخرى قد يجمعهم الحب والتفاهم، ليس هناك دليل أو قانون معين يحكم النجاح والفشل، ولكن من تورطوا في علاقات فاشلة دعوا إلى الصراحة والشفافية لتفادي مثل هذه العلاقات في المستقبل.
* الأسماء مستعارة