بقلم\تصوير: شكري لورانس
مكياج: ريم قواسمي
ترجمة حمزة بطاح
تحرير موسى الشديدي
ولدت وترعرعت الممثلة الفلسطينية يارا إلهام جرار بمدينة يافا في فلسطين المحتلة، التي تلعب اليوم دور الشخصية الثورية الرئيسية في أول مسلسل إنترنت فلسطيني الإنتاج تحت عنوان”سلمى وسري“. تعبر فيه يارا عن جوانب مختلفة من شخصيتها وإيصال قصصها وأفكارها، من خلال لعبها الأدوار التي تتواصل معها وتؤمن بها.
بدأ حُب يارا للفنون منذ نعومة أظافرها. حيث كانت في السادسة عندما وقفت لأول مرة أمام جمهور على خشبة مسرح المدرسة. وأحبت الهالة التي أحاطها الجمهور بها والأدرينالين المتدفق في جسدها على المسرح، ما دفعها لتتخذ من التمثيل مسيرة مهنية.
لكن التمثيل بالنسبة ليارا أكثر من أدرينالين. حيث أدت أدوراً متنوعة مع تقدمها في العمر، وكانت تحرص على أن ترى نفسها في الأدوار التي تختارها. تقول يارا “يقع على عاتق الممثلين/ات مسؤولية تصوير مجتمعاتهم/ن، لذلك لن ألعب دورا تقليديا/نمطيا لا أجده يمثل مجتمعي”.
ليس مستغربا حب يارا لتحليل النصوص ومناقشة شخصياتها مع المخرجين/ات والكتاب/ات، باعتبارها وسيلة للنضال في سبيل ما تؤمن به. قالت لنا ” تتراوح الأدوار التي غالبا ما تحصل عليها الممثلات العربيات من أدوار الإرهابيات إلى المقموعات بالعادة. وعندما أذهب لتجارب الأداء هذه، أذهب فقط لآتجادل مع المخرجين/ات والكتاب/ات وأغادر فورا”. ويعتبر إعطاء أدوار الإرهابيين/ات مشكلة مستمرة تواجه الممثلين/ات الفلسطينيين/ات عند البحث عن عمل.
سئمت يارا من تجارب الأداء هذه ورفضت هذه الأعمال بسبب رسائلها العنصرية، وكانت يارا بحاجة إلى دور من الممكن أن ترى نفسها فيه فعلا، فوجدت مثل هذا الدور في أول مسلسل إنترنت من إنتاج فلسطيني بالكامل، سلمى وسري، عرض درامي إبداعي عن التغيير الاجتماعي. كانت عملية الإنتاج ملهمة جدا بالنسبة ليارا، حيث قالت “لقد كان من الرائع العمل مع طاقم العمل القادم من مدن مختلفة، كيافا والقدس ورام الله والناصرة والجولان، لقد كان في غاية الجمال التفاعل مع كل هذه اللهجات والثقافات المتنوعة”.
تم تمويل إنتاج مسلسل سلمى وسري من قبل ARTLAB و OXFAM وتم تصنيفه كبرنامج “ترفيهي-تعليمي” أي أنه يحقق التعليم من خلال الترفيه. وبدء الكتّاب بإجراء بحث في مدينة القدس وسؤال أفراد المجتمع عن المشاكل التي يواجهونها وما يودون أن يتم عرضه ومناقشته في المسلسل. فكانت المواضيع المقترحة تتمحور حول ضغوطات الزواج والأدوار المجتمعية والخيارات المهنية والفنية والحياة العاطفية للشباب الفلسطيني، فتم دمجها في قصة المسلسل وتجسيدها في شخصيات مختلفة لتكون العناصر المألوفة والمفهومة للمقدسين في المسلسل.
كانت الردود على المسلسل إيجابية للغاية، وخاصةً لشخصية يارا(سلمى) التي ترغب في ممارسة مهنة في أحد مجالات الفن ولكنها تعرضت للضغط من أجل الزواج في سن مبكرة. وقالت يارا إن العديد من الفتيات تواصلوا معها وعبرن عن كيفية ارتباطهن بشخصية سلمى، ويشعرن أنهن يواجهن تجارب مماثلة مع الزواج والاعتداء والتحرش، وضغوط اجتماعية أخرى. وقالت يارا: “أرى نفسي في سلمى … بشغفها ورغبتها في ممارسة التصوير الفوتوغرافي هو ذاته شغفي في التمثيل وتأدية الأدوار، وهي مهنة ليست شائعة أو متاحة جدًا في مجتمعنا”.
غادرت يارا مؤخراً مدينة يافا وانتقلت للعيش في مدينة رام الله. وقالت: “كان العيش في يافا صعباً، حيث كانت مظاهر الاحتلال في وجهي 24/7. في كل مرة كنت أنظر فيها إلى البحر من يافا وأرى المباني الضخمة في تل أبيب، أشعر بالاكتئاب … فدفعتُ جميع الديون المترتبة علي ورفعت الوسطى في وجوههم وغادرت للعيش في رام الله. يتوقعون من الفلسطينيين في المناطق المحتلة عام 1948 التكيف مع مجتمع الاحتلال الصهيوني من خلال العمل والحياة اليومية. لكن يارا شعرت أنها بحاجة إلى أن تحيط نفسها بأشخاص يشبهونها. قائلة “أحب كم أننا العرب طيبون وأصحاب قلوب حنونة. نحن نهتم ببعضنا البعض ونرحب بالجميع بأذرع مفتوحة”، ثم قالت مازحةً “ربما لهذا السبب تم احتلالنا”.
كان العمل في يافا صعباً، هذا أقل ما يمكن قوله. “عندما كنت نادلة في مطعم في يافا، توجب علي أن أخدم الناس الذين ما انفكوا عن مشاركة أيديولوجياتهم السياسية (الصهيونية) التي لم أتوافق معها، لكنني لم أستطع قول أي شيء لأنني اضطررت إلى الاحتفاظ بعملي. في رام الله أسمع لغتي، أرى شعبي من حولي. ” أشارت يارا إلى سطر كتبته، “أفضل أن أراهم مرة كل ليلة بدلاً من عشر مرات في اليوم الواحد”(تعني الجنود الصهاينة).
تقيم يارا أيضا حفلاتها الخاصة والتي تسمى “ليالي الهيب هوب” التي تقام عادة في رام الله. تتنوع مجموعاتها الموسيقية من موسيقى الهيب هوب المحلية إلى العالمية، من الأغاني القديمة إلى الأصوات الفلسطينية الجديدة الصاعدة. وتقول يارا “أنا أحب موسيقى الهيب هوب. باعتباري فلسطينية، أشعر بالارتباط مع هذا النوع الموسيقي بسبب سياقه. أعتقد أن الفلسطينيين يحبون موسيقى الراب لأنها طريقة لمقاومة العنصرية والتعبير عن مبادئهم في ثقافاتهم المهمشة. حيث أن هنالك الكثير من الجرأة في كلمات الأغاني والإيقاعات التي تدفعني أشعر أنني بحاجة إلى جعل الآخرين يسمعونها في الحفل”.
إن يكبر الشخص مع عدد قليل من الأصوات التي تشبه الشباب وتعبر عنهم في ثقافة البوب والإعلام يمكن أن يكون مربكًا جدا، لكن يارا أصبحت بالتأكيد هذا الصوت الذي يمكن للمقدسيين والشباب الفلسطيني عموما الارتباط والتعلق به. مخلفة الأدوار التي أدتها سابقًا خلفها، ستستمر يارا في استخدام صوتها للتعبير عن حقيقتها في عام 2020. من خلال المشاريع الجديدة بما في ذلك فيلم روائي وسلسلة الإثارة Possessions بالتعاون مع قناة +Canal وعرض مسرحي انفرادي ستواصل يارا النضال من أجل إعلاء هذا الصوت الذي كانت تبحث عنه هي نفسها عندما كانت صغيرة.