Article in English
بقلم موسى الشديدي
العمل الفني المرفق من عمل ياسمين دياز
تدقيق: يزن مخامرة
“ماي كالي” مجلة مفاهيمية إقليمية، تعنى بالأقليات المجتمعية ومثليي/ات، مزدوجي/ات الميل الجنسي، عابري/ات النوع الاجتماعي والجنس. تأسست عام 2007 على اعتبارها منصة شخصية لشاب يبلغ 18 من عمره للتعبير عن نفسه وعن آرائه. خلال 10 سنوات الماضية، ارتبط اسم هذه المجلة الإلكترونية بإثارة الجدل والكثير من المشاكل.
خالد عبد الهادي مؤسس المجلة يجلس على الجهة الأخرى من الطاولة: “لم يكن هناك من ينتقد أخطائنا، ويحاورنا، يشرح لنا ما هو الصواب وما هو الخطأ، وما يجوز أو لا يجوز علينا فعله” يسكت قليلاً ثم يستطرد قائلاً: “أو ربما فعلوا لكننا كنا أصغر من أن نفهم. على أي حال كان النقد الموجه للإعلام هو الصوت المسموع، ومع شديد الأسف لم يكن نقداً بناءً، بل كان نقداً يسعى لإسكاتنا وسلخ الشرعية عنا”.
في هذا المقال أحاول أن أبني نقداً لتجربة المجلة مستخدماً مفهوم الأممية المثلية الذي قام مفكر ما بعد الاستعمار جوزيف مسعد بصياغته في كتابه “اشتهاء العرب”، وقبلها في مقال له كتبه عام 2002 تحت عنوان “إعادة توجيه الشهوة: الأممية المثلية والعالم العربي” في المجلة الأكاديمية “Public Culture”، بعد أن لاحظ بأن الاتجاهات الغربية أثرت على السجالات الدائرة حول الشهوة والممارسة الجنسية في المجتمعات العربية، وأملت عليها بصورة مباشرة أو غير مباشرة رؤيتها وتصوراتها، وشكلت ما يعتبره “مهام تبشيرية” قامت بإنتاج خطاب مرتبط بمنظمات يطلق عليها مسعد اسم “الأممية المثلية.”
تحمل الأممية على عاتقها مهمة الدفاع عن المثليين من خلال المطالبة بمنحهم حقوقهم كـ”المثليين جنسياً” أينما حرموا منها، واحترامها أينما أنتهكت. لكنها حين تقوم بذلك، يرى مسعد أنها تنتج أثراً أبعد ما يكون عن التحرير.
فهل أثر خطاب الأممية المثلية على ممارسات “ماي كالي” واختيار وسائلها النضالية؟ وهل هذا ما جعل اسمها مرتبط بإثارة الجدل أكثر من أي شيء آخر؟ وهل بالفعل – كما يؤكد مسعد – أن ذلك الخطاب بالرغم من أنه يبدو خطاباً تحريرياً، إلا أنه يؤذي من ينشد تحريرهم بحسب تجربة المجلة؟
اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية:
ربما لم يسمع الجمهور الأردني عن “ماي كالي” قبل العام 2015 عندما اجتاحت وسائل الإعلام تقريباً، في الحدث الذي يطلق الغرب عليه “اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية والعبور الجنسي”، بعد أن نشر موقع المجلة خبراً مقتضباً عن الاحتفال به في العاصمة الأردنية عمّان بمشاركة السفيرة الأمريكية في الأردن أليس ويلز. اشتمل الخبر على صورة السفيرة أثناء إلقائها لكلمة في الاحتفال، بينما يظهر شعار المجلة في الخلفية. ما تناقلته وسائل الإعلام هو اقتباس السفيرة لجملة عن هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة تقول فيها: “حقوق الإنسان هي حقوق المثليين، وحقوق المثليين هي حقوق الإنسان”، من دون ذكر موقف هيلاري كلينتون المناهض لزواج المثليين/ات في الولايات المتحدة، ودورها في التصويت لصالح الحرب على العراق والتي تسببت بمقتل آلاف العراقيين/ات والأمريكيين/ات المثليين/ات غير المثليين/ات على حد سواء، وأغرقت الولايات المتحدة بالمزيد من الديون، عدا عن ظهور التنظيم الإرهابي داعش المشهور برمي الرجال ممارسي الجنس مع الرجال من أسطح الأبنية الشاهقة، ونشوب الحرب السورية، والتسبب بأزمة اللجوء التي تهدد العالم اليوم. ليقوم المحامي الأردني طارق أبو الراغب بالتقدم بشكوى للقضاء الأردني ضد السفيرة ووزيرة التنمية الاجتماعية، ومن ثم الجهات المسؤولة عن ذلك الحدث.
أثار الحدث غضب الشارع الأردني، في الوقت ذاته زاد من خوف الأفراد “المثليين/ات” في الأردن. وباعتبار ردة الفعل تلك هجمة شرسة على “مجتمع الميم”، أصدرت المجلة آنذاك بياناً حمل عنوان “تنصل“، اعترفت خلاله بأنها كانت متعاونة على تنسيق الحدث “الذي تم تنسيقه من قبل نشطاء ومنهم ماي كالي”، وبأن السفارة الأمريكية لم تقدم أي دعم للمساعدة في تنظيم الحدث، بل كان مبنياً على جهود فردية محلية، محاولة بذلك تقليص الخسائر التي تعرضت لها، لكن يبدو أن ذلك البيان لم يجدي نفعاً، فبحسب وسائل الإعلام المحلية الأردنية، فقد قامت أجهزة الدولة الأمنية باعتقال المثليين من دون أن تقدم تلك الوسائل أي أدلة، “قيام الأجهزة الأمنية في عمّان برفع العصا الغليظة في وجه المثليين، وقامت مؤخراً بتنفيذ حملة تستهدف “الشاذين جنسياً”، أو من يعرفون بأصحاب الجنس الثالث“.
هذا الحدث يذكرني كثيراً بنص من كتاب اشتهاء العرب لجوزيف مسعد في الصفحة رقم 260، حيث يذكر في الهامش:
“أجندة الأممية المثلية… تقوم على العنف الذي يتسببون في وقوعه على الأشخاص الذين ينشدون تحريرهم”.
صياغة هذه الجملة في غاية الاتقان وتحمل الكثير من المعاني، فجوزيف هنا لا يقول أن وسائل الأممية المثلية تعرّض أفراد المجتمع المحلي لخطر العنف فحسب، بل استخدام ذلك العنف الواقع عليهم كحجة لاستمرار عملية “تحريرهم”، وبذلك تتسبب بإعادة إنتاج ذلك العنف بشكل مستمر. وليس هذا فحسب بل تعني أيضاً أن أجندة الأممية تترجم في الجمعيات والمنصات والمجلات كما في مثلانا، وبأنها تستخدم ذلك العنف الذي تسببت بوقوعه كمبرر لاستمرار “تحريرهم” منه، وليس لأي مبرر آخر. وهذا تحديداً يبرر ما حدث وما سيحدث بعدها. فتعميم وسيلة نضالية غربية؛ كاليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية، وحضور السفيرة الأمريكية نفسها، وإلقائها خطاب يتمحور حول المفاهيم الغربية من جهة، وما تسبب به ذلك الخطاب من ردة فعل عنيفة ضد الأفراد “المثليين” في المجتمع الأردني من جهة أخرى، ليس سوى دليل حي على صحة كلام مسعد.
أخبرنا خالد عبد الهادي بأن ذلك الأذى لم يكن مقصوداً. “كنت مصدوماً؛ لقد رأى الناس ما كنا نحاول إثبات عكسه تماماً. نحن لم نسعى لتحقيق أجندة أجنبية أبداً”.
سرعان ما بدأت المجلة اكتساب هوية إقليمية أكبر، ربما كوسيلة للتكفير عن ذنبها. وسرعان ما صدرت نسختها العربية الأولى بعد عملها لثمان سنوات باللغة الإنجليزية. وبعد عام من أحداث السفيرة الأمريكية، فجرت سبقاً صحفياً جديداً “المثليون في الأردن يصدرون أول مجلة باللغة العربية” لتتسبب بموجة إعلامية من خطاب الكراهية مرة أخرى. هذه المرة كانت النبرة أقل حدة.
يكمل خالد كلامه: “لقد تعلمنا مع الوقت أهمية اللغة المستخدمة وسعينا لاكتساب هوية عربية واضحة للوصول إلى شريحة أكبر من القراء. واكتشفنا أننا حرمنا العرب غير الناطقين باللغة الإنجليزية من قراءة المحتوى الذي تنشره مجلتنا، وبالتالي التواصل معنا. عدا عن إحساسي بأن استخدامنا للغة الإنجليزية فقط يأتي من منطلق متمدن نخبوي فوقي”.
فوقية الأممية:
أثار استخدام عبدالهادي لوصف عملهم السابق بالنخبوي والفوقي اهتمامي، فسألته عما يعنيه بهذا الوصف وكيف علم أن عملهم كان نخبوياً؟ ولماذا تلك النخبوية مؤذية برأيه؟
“إنه اكتشاف ذاتي بعد محاولة لفهم وجهات نظر الأفراد الذين لا يتفقون مع توجهات المجلة من مجتمع الميم المحلي والإقليمي كان يستفز الأفراد من المجتمع الخارجي. وفي الوقت نفسه لم تكن وجهات النظر تلك مرآةً تعكس حقيقة مجتمع الميم بالصورة الحقيقية. لذلك توجب علينا التخلي عن النخبوية والفوقية كونها لم تقدم أي فائدة للقضية. لم نكن المنصة التي يلجأ إليها الأفراد لإيصال أصواتهم، بل لم نتمكن من تقديم الفائدة لا لمجتمع الميم أو الغيري”.
هذه نقطة جوهرية جداً في عمل الأممية المثلية التي تعتبر نخبوية بطبيعتها، ولا يمكن أن تكون غير ذلك. وذلك لأن افتراضاتها غير الواقعية والفوقية تأتي دائماً لكل ما هو مناسب أو غير مناسب لجميع الثقافات. فلو عدنا مرة أخرى لفكرة “اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية” الذي أطلقه الناشط المثلي الفرنسي لويس جورج تن – والذي يعتبر حدثاً سنوياً تم اختيار 17 من أيار من كل عام موعداً له احتفالاً بإزالة المثلية الجنسية من قائمة الأمراض التي تصدرها منظمة الصحة العالمية سنة 1990- فإن العام 2005 شهد انطلاق أول احتفال بهذا اليوم كحملة شارك بها أفراد وجمعيات كالجمعية الدولية للمثليين والمثليات التي تحمل الاسم المختصر “ألجا – ILGA”، وكذلك لجنة المثليين والمثليات الدولية لحقوق الإنسان “IGLHRC”، حيث وللصدفة البحتة، فإن سلوكات وممارسات هاتان الجمعيتان تحديداً كانتا القاعدة الأساسية التي بنى جوزيف مسعد فكرته حول الأممية المثلية عليها، مدعياً بأنها منظمات يسيطر عليها رجال غربيون بيض خلقت مهمة تبشيرية مؤذية غير حساسة ثقافياً.
فأن تختار مبادرة غربية اسم “اليوم العالمي” يعتبر بحد ذاته سبباً كافياً لرفضها، كونها تتمحور حول افتراض أدوات محددة للنضال، وعلى أنها الوحيدة النافعة والناجحة للتعبير والإنجاز في كل الثقافات، وفي كل مكان وزمان ولجميع المثليين والمثليات1، وهذا بحد ذاته فوقي نخبوي تماماً كما قال “عبد الهادي”، فالمحزن هو النقد الذي يوجهه الناشطين الناطقين بالعربية لمثل هذه المبادرات.
لقد كتبت حنين معيكي وسامي شمالي في عام 2011 مقالاً نقدياً لهذا اليوم تحديداً تحت عنوان “مكافحة رهاب المثلية: بين التجربة الغربية وواقع المجتمعات المثلية“، أي قبل حدث السفيرة الأمريكية بأربع سنوات، لكن يبدو أن القائمين/ات على مجلة “ماي كالي” لم يقرأ أحد منهم/هن ذلك المقال، أو ربما لم يكن ذلك النقد مقنع لهم حينها، وفي ذات الوقت عدم توجه اولئك الناشطين/ات لفريق المجلة بالتوجيه.
منطقة نزاع:
في عام 2017 تم استضافة البرلمانية الأردنية “ديمة طهبوب” التي تمثل الجبهة الإسلامية في برنامج “Conflict Zone” من قبل الصحفي البريطاني تيم سيباستيان على محطة “دويتشه فيله” التليفزيونية الألمانية، وكما أرى – من وجهة نظر شخصية – بعد إفحامها له بإجاباتها المتمحورة حول وجهة نظرها بجرائم الاحتلال الإسرائيلي، وبعد أن قال لها “أنت إرهابية مقعدة”2 ، حاول “سيباستيان” بالإيقاع بها عندما سألها بشكل مباغت “ما إذا كان مرحباً بالمثليين في الأردن؟” على خلفية طلب تقدمت به مع مجموعة من النواب لمنع حفل فرقة لبنانية بسبب ميول أحد أفرادها المثلية في العاصمة عمّان. فأن تسأل أحد أفراد حزب الإخوان المسلمين عن رأيه/ها في المثلية الجنسية لهو أمر مضحك جداً، وأن يأتي السؤال من رجل غربي أبيض لهو أمر مستفز أيضاً. فالسؤال هنا يتمحور حول محاولة إثبات كل ما أنتجه الخطاب الاستشراقي عن الشرق كبؤرة للتخلف ومصدراً لإثارة اشمئزاز الغرب على الدوام. عدا عن أن الشرقي/ة (المثلي والغيري والمزدوج الميل والعابر/ة النوع الاجتماعي والجنس…) هو كائن رجعي لا إنسانية له. لذلك فإن هذا السؤال لا يروّج بصياغته تلك إلا العنصرية ضد العرب، ورهاب الإسلام الذي يدفع ثمنه المسلم/ة (المثلي والغيري ومزدوج الميل الجنسي والعابر/ة النوع الاجتماعي والجنس…) في الدول الغربية كل يوم، على الرغم من أنه يبدو للوهلة الأولى مدافعاً عن المثليين في الأردن إلا أنه تماماً كالأممية المثلية تسبب بوقوع العنف عليهم.
تداركت النائبة السؤال بسرعة قائلة: “إنني أعبر عن من انتخبني”، ليحاول سيباستيان إعادة صياغة سؤاله بشكل آخر حتى يظهر النائبة كإرهابية كما سماها قبل قليل “أن يكون الشخص Gay هذا يعني أنه بلا حقوق برأيك؟” لتجيبه: “We call him a homosexual, he’s not a gay to us” ما يمكن ترجمته “نحن نسميه Homosexual، هو ليس Gay بالنسبة لنا”.
في الحقيقة هذه الجملة جوهرية جداً في شرح وجهة نظر النائبة ديمة طهبوب تجاه المثلية الجنسية في المنطقة، والهويات المرتبطة بها. فالجملة تقترح أنها لا ترى بأن كلمة Gay تحمل أي معنًى مساوٍ لكلمة Homosexual، بل أن Gay أكثر من أن يكون الشخص مجرد Homosexual، وبأن Homosexual لا تقتضي أن يكون الشخص Gay بالضرورة. من خلال سياق الكلمة بحد ذاته، Homosexual هي كلمة علمية تشير إلى الممارسات الجنسية بين أبناء الجنس الواحد أكثر من أي شيء آخر بينما، Gay تشير إلى هوية غربية يعرف الفرد نفسه فيها وفق ممارساته الجنسية تلك. ما يؤكد هذا المعنى في كلام “طهبوب” هو تمحور عبارتها حول ضمير “نحن” مقابل صفة الغائب “هم” عندما قالت “بالنسبة لنا”، لذلك يبدو اقتراحها بأن Gay أمر يخصهم هم فقط أي الغرب بينما Homosexual يخص الجميع، وهذا تحديداً ما تحدث عنه جوزيف مسعد في نقد فرض الهويات الغربية للأممية المثلية على جنسانية المجتمع العربي، ووصم الممارسات الجنسية غير المعيارية وتحويلها إلى هويات غربية المنشأ غير حساسة ثقافياً ومنتجة للعنف ضد من تسعى إلى “تحريرهم”، وهنا تظهر النائبة منتقدةً للهوية الغربية أكثر من الممارسة الجنسية بحد ذاتها. لتبدأ بعد انتهاء البرنامج مشادة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر بينهما حول هذا الموضوع تحديداً، الأمر الذي يؤكد أنها تشاركنا النظر إلى السؤال كمحاولة للإيقاع بها أمام الرأي العام، في هذه الأثناء تدخلت مجلة “ماي كالي” منتقدةً النائبة على صفحتها على تويتر من دون توجيه النقد إلى سيباستيان أيضاً، ليتحول مسار غضبها نحو المجلة، وتتوجه مباشرةً إلى الحكومة الأردنية مطالبةً ببيان رسمي وهذا ما حدث فعلاً، حيث أصدر وزيري العدل والداخلية بياناً رسمياً جاء فيه “أن الدولة الأردنية حريصة على احترام مبادئ الدين الإسلامي، وأن الوزارة لا تسمح لفئة ‘الشواذ جنسياً أو ما يعرف بمجتمعات الميم’ بإقامة أي أنشطة أو اجتماعات، وأن طروحات أصحاب “الشذوذ الجنسي” مخالفة للنظام العام والدين الحنيف“، وقال وزير العدل أن “الشذوذ” يخالف الآداب العامة والنظام العام ومخالف للدستور الأردني والتشريعات الوطنية الأردنية، وهو خارج عن عادات وقيم المجتمع الأردني، لتنهال مقالات إعلام الإثارة على المجتمع بكلمة “شذوذ” مرة أخرى، مستغلاً تلك الحادثة للتعبير عن خطاب الكراهية المفضل لديهم ضد أي جماعة مهمشة في هذا المجتمع.
قامت “ماي كالي” بتوجيه رسالة مفتوحة إلى النائبة ديمة طهبوب، وبالتالي ومن دون أدنى شك فإنه يمكننا ملاحظة التطور الإيجابي في سياق عرض المجلة لنفسها بين بيان “التنصل” في العام 2015، وبين هذه الرسالة في العام 2017. فالمجلة هنا تتخذ أسلوب إقليمي/ محلي أكثر، “تضم المجموعة عدداً من المواطنين الأردنيين” و الرسالة لم تكن تتمحور حول الهويات الغربية بالمجمل أو فئة محددة، بل كانت أكثر شمولية “ونأمل أيضاً أن يؤدي هذا العمل المستمر إلى نتائج إيجابية لمختلف شرائح المجتمع الأردني”. تناولت الرسالة وضع حرية التعبير في الأردن ومن ثم حثت على التأني قبل التحريض “ضد فئة مستضعفة من المواطنين الأردنيين”، من جهة أخرى، وعلى الرغم من أن كل من فريق عمل المجلة والنائبة ديمة طهبوب يتحدثان العربية، إلا أن الرسالة قد نشرت باللغتين العربية والإنجليزية معاً.
لربما تكون “ماي كالي” كمنصة تعلمت من خلال أخطائها – غير المتعمدة – مع مرور الوقت أهمية التفاعل مع المجتمع المحلي والإقليمي، وعدم فرض وسائل النضال عليه، واستخدام لغة مشتركة للتعبير عن ذلك التفاعل، والابتعاد عن الفوقية والنخبوية. لكنه ما زال أمامها الكثير لتتعلمه.
هذه المقالة لا تبرر خطاب التحريض الموجه من قبل السلطة/ الإعلام الذي يجب توجيه النقد له ومواجهته من دون محاولة لوم الضحية، ولكن بتوجيه النقد اللازم نحو الأخطاء التي دعمت خطاب التحريض ضد الضحايا، والسعي لفتح حوار لنقد الوسائل غير المناسبة قبل فوات الأوان.
ولد/ت موسى الشديدي في بغداد عام 1992، أنهى/ت دراسة علم النفس في جامعة عمان الأهلية عام 2016. عاش/ت طفولته/ا تحت حكم صدام حسين وشهد/ت دخول القوات الأمريكية لإسقاط النظام باسم «الحرية». وبسبب تنظيره/ا حول الجسد والجنسانية والنوع الاجتماعي (الجندر)، أرغمته/ا الميليشيات الدينية المتشددة على ترك العراق عام 2012. استطاع/ت تحويل فنه/ا البصري وكتاباته/ا إلى مركبة تحمل الأصوات المستضعفة. صدر له/ا كتاب مؤخرا باسم «الجنسانية اللامعيارية في السينما العربية » عام 2018 أسس/ت مبادرة سينمجي المعنية بالجنسانية والنوع الاجتماعي والجسد في السينما العربية في 2017.