على مدار العام الماضي، انشغلنا بالتفكير في فئات الأجيال والوعي الجماعي الذي يتشكل حول الحركات والهويّات الاجتماعية والسياسية في أماكن مختلفة. وتساءلنا كيف تختلف تصوراتنا بين جيل وآخر وتلك السلوكات والنزعات والترندات التي شعر كل جيل بالانتماء إليها؟ وكيف ننفر منها أو نعيد تشكيلها أو امتلاك بعض عناصرها؟ ما هي الأزمنة الانتقالية التي تربطنا ببعض، وكيف تساعدنا في تقريب التجارب الفردية لتخيل تجارب جماعية؟ كيف يؤثر العمر على فهمنا لهذه الانتقالات؟ ما الذي نكسبه أو نخسره أو نعيد تفسيره مع مرور الوقت؟ ولأن الوقت كالسيف، كيف يمكننا إعادة تصور الأجيال كحالة متغيرة ومستمرة ومتبادلة؟
تجربة الجيل
مع استمرار ظهور أشكال “جديدة” من الثقافة الشعبية، تستعاد أعمال مميزة من الماضي من قبل من لم يعاصرها، حيث يتم تبنيها وإعادة تفسيرها من جديد. ومع تزايد قبول التعبيرات المتعلقة بالجنس والجندر والانتماءات الثقافية الفرعية، يتم استيعابها كسلع في ثقافة الاستهلاك الجماعي. ومع مرور الزمن، تتغير الهويات الشخصية والجماعية، لا فقط كرد فعل على العوامل الخارجية، بل أيضا كنتيجة للتقدم في العمر. كيف تتطور أجسادنا ورغباتنا ومواقفنا السياسية عبر مراحل الحياة المختلفة؟ وبينما نحاول بناء هوياتنا لتتميز عن هويات آبائنا ومن سبقونا، كيف نتصالح مع الإرث الذي نحمله من معرفة وحميمية وصدمات وواقع مادي لا يزال يتردد صداه في حاضرنا؟

الحركة والمساحات والتكنولوجيا
مع انكشاف واقع القوى السياسية والاقتصادية العالمية، كيف نعيد النظر في الحركات الراديكالية والاجتماعية مع حاجتنا إلى ابتكار مسارات جديدة؟ ماذا يعني التمسك بالتمرد والسياسات الراديكالية والكويرية عبر العقود؟ وبينما تفرض قوى الدولة الحدود وتنتهكها، وتقلصيها وتغييبها لمساحات التجمع التي تشكل تفاعلاتنا اليومية، كيف يمكننا إيجاد طرق جديدة للتواصل؟
وبينما يتسارع تطور التكنولوجيا في جيلنا بشكل مخيف، كيف نتعامل مع وعودها وأوجهها الديستوبية التي أصبحت واقعًا ملموسًا؟ كيف تتسع الفجوات الجيلية من خلال الفروق في الكفاءة الرقمية كلما تقدمنا في العمر؟ وما الذي قد تعيد إحياءه مشاعر النوستالجيا والحنين إلى الأدوات والمنصات السابقة؟
في هذا العدد
تتأمل المقالات والأعمال الفنية والقصص في هذا العدد موضوع الإرث الجيلي (عن آباء منفيين، وتأملات في الحب، والسلف الكويري وتاريخ المنطقة الناطقة بالعربية). كما نتطرق إلى قضايا التكنولوجيا والطب (من انقلاب وعود التكنولوجيا رأسا على عقب، إلى الانخراط في السياسة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واستعادة الممارسات الشعبية التي تكمل الطب الحديث). أما فيما يخص الحركة والتنقل والتدفق، فنناقش مفاهيم الصوابية السياسية ودور الشباب في النشاط السياسي والتهديد الذي تشكله “المساحات الثالثة” على الأنظمة السياسية الثنائية. كذلك، نتأمل الزمن كقوة مؤثرة، كيف يشكل العمر النشاط السياسي، وكيف يتفاعل الكوير من كبار السن والشباب، وماذا يعني أن نحمل شعورًا بالانتماء إلى أجسادنا وأفكارنا والعوالم عبر تغيرها
