English

بقلم آدم
 العمل الفني: لينا

بعد أن قابلت شخصاً من ذوي الإعاقة لأول مرة، تفاجأت بجهلي وبإخفاقي في معرفة واقع الحياة في هذا المجتمع؛ فكوني لم ألتقِ بأي شخص من ذوي/ات الإعاقة إلا وأنا شخص بالغ أمر غريب، إذ تبلغ نسبة الأشخاص ذوي/ات الإعاقة (بما في ذلك أشكال الإعاقة الحركية والذهنية) في الأردن 13% من مجموع السكان1، ومع هذا يحاول الأهالي إخفائهم/ن عن العيون، كما أن هناك نقص عام في البلد في المرافق اللازمة لدعم هؤلاء الأشخاص، الأمر الذي يؤدي إلى المزيد من المشكلات التي تعيق مشاركتهم/ن في المجتمع، بل وهناك نقص في الموارد التي تناقش هذا الموضوع باللغة العربية.
تكمن إحدى المشكلات التي تواجه الأشخاص ذوي/ات الإعاقة في الكيفية التي تقلل بها أسرهم/ن ومجتمعاتهم/ن المحلية ومجتمعاتهم/ن الأوسع نطاقاً من شأن رغباتهم/ن واحتياجاتهم/ن الجنسية وتنفي حقهم/ن بها، ويمكن للخرافات المحيطة بالرغبات الجنسية للأشخاص ذوي/ات الإعاقة، فضلاً عن غير ذلك من ألوان التحامل والوصم، أن تسبب لهم/ن الإحراج عند محاولة التقرب إلى الآخرين/الأخريات، وعندما كنت على متن أحد القطارات في ألمانيا، رأيت شخصين في المقعدين المقابلين لي من أصحاب متلازمة داون يتبادلان القبل ويتعانقان بشدة، الأمر الذي جعلني أفكر في الخرافات التي نؤمن بها فيما يتعلق بالأشخاص ذوي/ات الإعاقة في المنطقة.
يهدف المقال الحالي، لذلك، إلى تفكيك الخرافات والصور النمطية المتعلقة بالحياة الجنسية للأشخاص ذوي/ات الإعاقة وجنسنايتهم/ن ودحضها.

الخرافة رقم 1: لا يمتلك الأشخاص ذوو/ات الإعاقات رغبة جنسية؟
فرضية أن جميع الأشخاص ذوي الإعاقة لا جنسيين/ات تسطح مفهوم التنوع الجنسي واللاجنسي للأشخاص ذوي الإعاقة، إذ تعترف منظمة الصحة العالمية أن الجنسانية هي حاجة أساسية لكوننا بشر ولا يمكن فصلها عن أي جانب من جوانب الحياة، ونشير هنا إلى أن هناك أشخاص من ذوي الإعاقة قد يكونوا فعلا لا جنسيين لكن هذا ليس نتيجة حتمية لإعاقتهم/هن.
لكن الاعتقاد السائد بأن ذوي الإعاقة لاجنسيين/ات جميعا يخلق حواجز أمام مفهوم الجنس لديهم، مما يتسبب في انخفاض مستويات المعرفة الجنسية لديهم وعدم كفاية التثقيف الجنسي مقارنة بأقرانهم من الأشخاص غير ذوي الإعاقة2، ونتيجة لذلك، فهم أكثر عرضة “للجنس الاستغلالي” المتمثل في مجالات مثل الدعارة والمواد الإباحية، إلى العنف الجنسي، والحمل غير المخطط له، والعدوات المنقولة جنسياً، وغيرها.
بحسب الدراسات3، الشخص ذوي الإعاقة الذهنية لديه رغبة جنسية مثل أي شخص آخر، والفرق الوحيد أن القيام بهذه الأمور قد يجعل بعضهم بحاجة إلى دعم أو توعية، ويختلف ذلك من شخص إلى آخر، حسب شكل الإعاقة ونوعها.
فمثلا، يمكن أن يتمتع معظم الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية بعلاقات مُرضية، ومع ذلك قد يحتاج البعض إلى دعم إضافي لتطوير هذه العلاقة من أجل اختيار ميولهم الجنسية والتعبير عنها، والوصول إلى معلومات وخدمات الصحة 4الجنسية.

الخرافة رقم 2: ينجذب الأشخاص ذوو/ات الإعاقة لأشخاص من الجنس “الآخر” فقط.
لدى الأشخاص ذوي الإعاقة رغبات جنسية مختلفة فمن الممكن أن يعرّفوا عن أنفسهم كأشخاص من مجتمع الميم عين 5ومن الممكن أن يكونوا مثليين جنسيا أو سحاقيات أو ثنائي الجنس أو متحولين وكويريين/ات.
النشاط الجنسي لديه جوانب جسدية وبيولوجية واجتماعية مختلفة، لكن بالتأكيد تختلف طريقة فهم كل شخص لحياته الجنسية وتفسيرها بشكل مختلف عن الآخر، وغالبًا ما تتغير بمرور الوقت، والمهم في الأمر أن نفهم حاجات الآخرين ونحترمها بغض النظر عن طريقة تطبيقها.

الخرافة رقم 3: لا يستطيع الأشخاص ذوو/ات الإعاقة الحركية ممارسة الجنس بسبب إعاقتهم/هن.
قد يشعر الأشخاص ذوو/ات الإعاقة بضعف الثقة بالنفس قبل الممارسة الجنسية أو حتى التفكير فيها، إذ قد يعتقد البعض أن الإعاقة تضعف القدرة الجسدية وبالتالي الانخراط بشكل أفضل في الحياة الجنسية بشكل منتظم، قد يكون هذا الأمر صحيحا لكن جميعنا قد نشعر بالقلق بشأن آدائنا الجنسي، وهو أمر طبيعي، يحتاج منا جميعا فهم ذاتنا 6وشركائنا.
تقودنا كل تلك الأفكار السابقة إلى أن هناك تفاوت بين حاجات الأشخاص ذوي الإعاقة الجنسية وقدراتهم، وهو في الواقع تفاوت بيننا جميعا، وقد يدفعنا هذا الإدراك إلى إعادة التفكير في تعريفنا للجنس وممارسة الجنس” (إيلاجي أم من أجل الإنجاب)، وما نعنيه بهما، وما قد تبدو عليه الحميمية أو اللذة الجنسية المُرضية لمختلف الأشخاص، كما يدفعنا إلى التفكير في معنى الموافقة والأمان في هذا السياق.

الخرافة رقم 4: يمارس الأشخاص ذوو/ات الإعاقات الجنس مع أشخاص ذوو/ات إعاقات مثلهم فقط.
ما يجده الناس عادة جذاب ومثير يختلف من شخص لآخر، إذ أن الرغبات خليط من مجموعة من العناصر التي تشكلها: الشخصية، والماضي، والقيم، والمظهر، والتوجهات الجنسية، والوقت، ومزيج مختلف من العناصر الأخرى التي قد تجذب الأشخاص لبعضهم البعض.
ليست الجاذبية بشئ لا يجمع عليه الناس فحسب، لكننا لا ندرك تماماً ما هو الحب وكيف نحب أو لماذا.
إن التفكير بأن الأشخاص ذوي الإعاقة يجب أن يواعدوا أشخاصا من ذوي الإعاقة فقط يحدده احتمالية مصادفة هؤلاء الشخصين ليس أكثر، لأن تعريف الشخص على أساس أنه معاق أولا قبل انه إنسان غير منطقي، طالما أن الأشخاص مستمتعين و آمنين وموافقين على شكل الممارسة، يستطيعون التمتع بعلاقة جنسية صحية. ويجدر الإِشارة هنا إلى إن مواعدة شخص من غير ذوي الإعاقة لشخص من ذوي الإعاقة ليس تكرما منه ولا بطولة، لأن هذه النظرة تؤكد على فكرة أن الشخص من غير ذوي الإعاقة له الأفضلية ويجعل من الشخص من ذوي الإعاقة معال ومسكين، وهذا بالطبع ليس صحيحا ولا منطقيا، كما تفترض أن الأشخاص ذوي/ات الإعاقة غير جذابين/ات كما هم/ن، على الأقل ليس بالنسبة للأشخاص القادرين/ات بدنياً.
كل العلاقات تتطلب مجهودا كبيرا من أجل إنجاحها من قبل الطرفين، والإعاقة لا تعني أن الشخص ذوي الإعاقة يساهم أقل في إنجاح هذه العلاقة، وإنما شكل مساهمته قد يختلف أو أنه قد يكون عليهم/ن التعامل مع مجموعة محددة من القيود والأقدر على تحديد هذه المساهمة هو الشخص نفسه بناء على شكل العلاقة وطبيعتها مع الشريك، كل 5شخص يجب أن يعرف جسده ويتعلم كيف يتعاطى مع المواقف المختلفة وما هي احتياجاته.

  1. دراسة: نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة في الاردن 13 بالمئة
  2. Susana Castro-Kemp University College London, United Kingdom.
  3.  منظمة الصحة العالمية
  4. Gillian Eastgate ,Sex and intellectual disability, Australian Family Physician.
  5. Aruma, a disability service provider. Sex and disability: the facts.
  6. Better health, Disability and sexuality.