الحوار بقلم: أيور
ترجمة: نوارة ب.
تصوير: جوليا فريجيري
تصميم وتلبيس: ليلى نور جونسون
مساعدة المصممة: نوال
شعر ومكياج: إينيس
تصميم الأظافر: بابلو إسكونيلز
تصميم ديكور والخلفيات: Pangea
هذا المقال من ملف ‘يا ليل يا عين’ – هيكل العدد هنا
إن تهت في شوارع باريس قد ترى هذه المرأة اللطيفة والفخورة تتجول، مع حقيبة صغيرة في يدها، وقميص قصير يلامس طرفه خصرها، وبشفتيها المبتسمتين وخصل شعرها المتطايرة ستجذبك ملاحظات لالا رامي وحكاياتها التي تستحق التأمل.
لالا رامي إلهة شامخة يبلغ طولها ١.٨٠ مترًا، نشأت في القنيطرة بالمغرب قبل أن تبدأ رحلتها هنا في مدينة الأضواء، تجسد لالا بصفتها امرأة عابرة القوة والعزيمة والموهبة بالمزج بين الفرنسية والإنجليزية والعربية لصياغة كلمات راب قوية ومتقدمة تسطر مكانتها وندوبها في عالم ذكوري، في آخر أغنية منفردة لها “إن شاء الله” تحلم هذه “الوردة في الصحراء الجافة” بالغناء في الرباط.
ترحب بنا لالا رامي في مساحتها حيث الموسيقى والراب تترددان بحيث تمنحنا الأمل وعلى كفة موازية تصدمنا بالواقع.
تصوير: جوليا فريجيري. تصميم وتلبيس: ليلى نور جونسون. مساعدة المصممة: نوال. شعر ومكياج: إينيس. تصميم الأظافر: بابلو إسكونيلز. تصميم ديكور والخلفيات: Pangea
أول ما أثار اهتمامي عندما اكتشفت عملك هو اسمكِ، هل للاسم “لالا رامي” معنى خاص بالنسبة لك؟
اخترت هذا الاسم لأن “لالا” لقب فخري مخصص للأميرة التي أكون على سبيل المثال، أما “رامي” يشير إلى رامي السهام بالعربية المغربية لأن في قوسي عدة سهام، ببساطة أنا “الآنسة الرامية”.
ولدت لالا رامي في مدينة القنيطرة بالمغرب في منزل تصادمت فيه أذواق والديها الموسيقية، إلى ماذا كانت تستمع عائلتكِ عندما كنت صغيرة؟
لقد استمعنا إلى الكثير من النوع الشعبي، جدتي كانت تسمع أغاني ناس الغيوان وأم كلثوم وكانت والدتي تحب توني براكستون أما أبي فأحب the Eagles، وكنت قريبًة من عمتي التي أحبت موسيقى البوب، إنها كويرية جدًا حيث استمعت إلى ماريا كاري، مادونا، جانيت جاكسون، برنس، كوين، وديفيد بوي، عندما تضع كل هذه المراجع في خلاط ستحصل على لالا رامي.
تصوير: جوليا فريجيري. تصميم وتلبيس: ليلى نور جونسون. مساعدة المصممة: نوال. شعر ومكياج: إينيس. تصميم الأظافر: بابلو إسكونيلز. تصميم ديكور والخلفيات: Pangea
إذًا لإتمام تحضير الوصفة ألا يجب أن نرش مكونًا واحدًا أخيرًا: الراب؟
وصلتني موسيقى الهيب هوب والراب بفضل أبناء عمومتي بأغنية “Ladies Night” أو “The Sounds of La Fouine” على سبيل المثال، كان عمري حينها 12 عامًا وفي ذلك الوقت أردت أن أصبح نجمة موسيقى البوب، أخبرت والدتي: “نعم سأضطر لمباشرة اختيارات وظيفية عندما أكبر لكنني أريد أن يكون تأثيري أكبر مني.” بدأت الكتابة في ذلك الوقت وكان معظمها روائيًا ثم بعد ذلك أغانٍ بالإنجليزية، كانوا سيئين للغاية من حيث اللغة الإنجليزية لكن باقي الأغاني كان بإمكانها التنافس مع غيرها من الأغاني التي كانت رائجة في ذلك الوقت.
أثرت موسيقى الراب في موسيقاك وذائقتك الموسيقية خلال فترة المدرسة الثانوية وهي فترة اكتشاف أنفسنا وتعريفها، كيف شكلت هذه الفترة تجربتكِ لموسيقاك أو هويتك؟
كنت أتعرض للتنمر كثيرًا في المرحلة الإعدادية ومكتئبةً أستخدم الموسيقى والكوميديا لأهرب من اكتئابي، كانت الموسيقى أساسية بالنسبة لي وتمثل بشكل جيد ما شعرت به، كتبت الكثير من الأغاني ولاحقًا في أولى سنوات دراستي الثانوية أصدرت شريطين بعناوين شفافة وصريحة في تعبيرها عن حالتي النفسية، توقف الناس عن مضايقتي عندما رفضت السماح لأي أحد بالمساس بتقديري لذاتي وعندما رفعت رأسي عاليًا وأصبحت صادقةً مع من أكون، كان كل ذلك مترابطًا.
بنهاية المرحلة الثانوية كان لدي شعر أحمر وارتديت قمصان قصيرة ولونت أظافري لكن لم أخرج كثيرًا لأنني كنت أعلم أن ذلك لم يكن آمنًا “للفتيات اللاتي يشبهنني”، أعني بذلك المظهر الجسدي- شعرتُ وكأنني أصرخ في قفص ما أنني بعيدة كل البعد عن الانطباع الذي يتركه مظهري على الناس، لكن لم أملك الحق في الوجود ولم أكن لأتخيل أن أكون المرأة التي أنا عليها الآن، كانت أقصى آمالي أن أكون لالا رامي.
إن التحلي بالقوة والصبر في مقابل العيش مع هذا العنف في سن مبكرة يدفع الكثيرين إلى مغادرة البلاد، هل يمكنكِ إخبارنا المزيد عن خطوات رحلتك ولماذا اخترت مغادرة المغرب؟
كنت أعرف دائمًا أنني امرأة بقدر ما أراد الآخرون إخفات نوري لأنه أخافهم، احتجت للرحيل لآنني لم أستطع العثور على الضوء في آخر النفق وكنت أعلم أنني لن أتمكن من أن أكون المرأة التي أريد أن أكون عليها ولا حتى أن أحصل على أية فرص عمل يومي أو في صناعة الموسيقى، أخذت الفيزا بعد حصولي على البكالوريا وتركت بعدها موطني ذاهبةً إلى فرنسا.
في البداية بقيت لسنة واحدة في مدينة دنكيرك حيث الكثيرون يعبرون عن عنصريتهم وعدائهم للترانس ومجتمع الميم، كرهت ذلك لكنني وبشكل متناقض سعيدة بانتقالي هناك قبل باريس لأن ذلك أتاح لي خوض تجربة مختلفة ما كنت لأخوضها لو جئت لباريس أولًا.
لقد انتقلت من دونكيرك إلى باريس مدينة الأضواء تعقيبًا على نصيحة صديق، كيف شعرتِ عند وصولك؟
كنت أعاني من مشاكل مالية وكان تصريح الإقامة على وشك الانتهاء، وقد تخليت عن دراستي فانسحبت من الجامعة ثلاث مرات، لم يناسبني التعليم العالي فهو ليس للجميع، ولكن أشجع الذين يودون أن يسلكوا ذلك الطريق!
تصوير: جوليا فريجيري. تصميم وتلبيس: ليلى نور جونسون. مساعدة المصممة: نوال. شعر ومكياج: إينيس. تصميم الأظافر: بابلو إسكونيلز. تصميم ديكور والخلفيات: Pangea
تتبعك الموسيقى وتنبع من تجاربك في كل مرحلة من مراحل حياتك، ما هي التجربة الخاصة بباريس التي خطرت في بالكِ؟
رائحة الحشيش… كنت أسير في شارعي ذات ليلة في بولوني وشممت الحشيش وقلت بصوت عالٍ “إنها رائحة حشيش نتنة”، كانت الساعة حوالي 11:30 وصاح رجل في الطابق الخامس “ماذا قلت؟” فكررت نفس الشيء وسألني إذا كنت أريد أن أصعد، عندما تشير الساعة لـ 11:30 مساءً وأنتِ فتاة ترانس في بولوني ويطلب منك رجل يبلغ من العمر 40 عامًا الصعود… فلا يجب أن تفعلي ذلك، لكن لالا ظنت أنه إما سيقتلها أو سيكون مارك لافوان، تسائلت لالا إن كان ستوديو صور أو إن كانت الحياة كفيلم High School Musical.
صعدت إلى الطابق العلوي ووصلت إلى استوديو بالفعل، عرف عن نفسه وقلت له في البداية أنني أؤلف الموسيقى ويالها من صدفة! فلم أكن أعرف أن هناك استوديو كهذا في شارعي! قلت له أنني صنعت أغنية “نجمة” بالإنجليزية والعربية وقليل من الفرنسية، ومكثت حتى الساعة 4 صباحًا لأنه كان مهتمًا بها، ألفنا بعض الأصوات وفي اليوم التالي طلب مني مدير الإنتاج الخاص به التحقق من النتيجة، منذ ذلك الحين علمت أن لديّ استوديو متاح لنفسي وأنني حصلت أخيرًا على ما شعرت أنني أستحقه لفترة طويلة.
الإنجليزية والفرنسية والعربية، كل شيء ممزوج في موسيقى الراب المغربية التي تنتجها ويحدث هذا التهجين اللغوي عند وصولكِ إلى فرنسا، كيف لعبت بهذه اللغات في موسيقى الراب الخاصة بك للتكيف مع هذه المرحلة الجديدة من رحلتك؟
تتأثر اللغات مثل الملابس بالإعداد الذي توجد فيه حتى لو كانت تجاربك الحياتية حاضرة، لا يمكنني إخفاء حقيقة أن الكثير من الكلمات وجدت طريقها إلى مفرداتي أو أنني اضطررت إلى تعديل العديد من الكلمات الأخرى، على سبيل المثال لدي أغنية اسمها “قحبة” وفي الكورس أقول “أنا أجمل قحبة”، قمت بتعديل كملة “قحاب” هنا لأن لا أحد سيفهمها؛ لكن يمكن قراءة “the most beautiful of the Qahbaz or Qahba” في هذا السياق، لقد أحضرت الكثير من اللغة معي إلى فرنسا وأحاول ألا أفكر كثيرًا في الأمر أو في كبح خصوصية لغتي، لكنني أريد أيضًا أن يفهمها الناس. في أول أغنية منفردة لي “إن شاء الله” والتي صدرت في ديسمبر 2021 تتواجد كل هذه اللغات التي لا أتحدثها دائمًا بشكل واعٍ ولكن يجب أن أعود لأتأكد من أن الناس سيفهمونها، لا أحب هذه العملية لذلك أقوم بها على جرعات صغيرة.
لكني أكتب أيضًا في سياق معين؛ فأنا أعرف مع من أتحدث وأعلم أن المنظور حول موسيقاي سيكون مختلفًا اعتمادًا على مكاني، في “Qahba” أخلط كل ذلك مع سياق مغربي أكثر لأننا نذكر Qahba في أي وقت، وضعتِ أحمر الشفاه؟ قحبة. أنتِ تدخنين سيجارة؟ قحبة. هل تلبسين لبسًا مثيرًا جدًا؟ قحبة. لذا نعم انا أجمل قحبة. أنا لست لالا غرون الشخص الذي ينتقم لكن المهم بالنسبة لي هو أن أكون قادرةً على التحدث والتعبير وأن أكون ما أنا عليه دون اعتذار.
في BrutX نسمعك تتحدثين عن الحرية والكتابة والموسيقى في باريس، إلى أي مدى تشعرين بالأمان في الشارع؟
تعتبر التحرشات في باريس في الشوارع أمرًا لا يصدق، لدي وأصدقائي الكثير من القصص حول ذلك.
كنت أعيش بجوار مسجد ذات مرة وكان الرجال يخرجون وكنت أنا بكعب وحقيبتي ومكياجي، كان هناك رجل يخرج من المسجد والسجادة على كتفه ونظر إليّ وتنهد بـ”لا حول ولا قوة”، رأيت أنه دخل سكني ففتحت له الباب وقلت: “الله تقبل عمي” وظل وجهه مشدوهًا، كان هذا كافيًا لزعزعته وكان يمكنك رؤيته يفكر: “حسنًا هذه العابرة التي أهنتها دعت لي، أنا فعلًا وقح”.
سواءً كانت التحرشات في الشوارع أو في صناعة الموسيقى، أنا لا أطلب إذن أحد فأنا ما أنا وإن كان ذلك يستفز أحدهم فيمكنهم التهام خبزي المغربي والاختناق به.
تصوير: جوليا فريجيري. تصميم وتلبيس: ليلى نور جونسون. مساعدة المصممة: نوال. شعر ومكياج: إينيس. تصميم الأظافر: بابلو إسكونيلز. تصميم ديكور والخلفيات: Pangea
أول أسطوانة مطولة لك “إن شاء الله” متاحة الآن وقد قمتِ بتشغيلها يوم صدورها على مسرح باتاكلان، ماذا تعني لكِ هذه الموسيقى؟
كتبت هذه الأغنية في أسوأ حالة لي وكانت كتابتها تنفيسًا خالصًا – أنجزت معظمها في غضون 10 دقائق بينما كنت أبكي بشدّة، ثم عدت وقمت بتغيير وإضافة بعض الجمل حتى شعرت أن الأغنية جيدة، لم يكن بها شيء سياسي عن قصد في البداية – إنها روحي تصرخ من أجل الحياة، إن وجودي بحد ذاته سياسي للغاية سواء أردت ذلك أم لا، هذا ليس خيارًا بل حقيقة.
كان أداء الأغنية في باتاكلان ليلة إطلاقها ساحرًا – فقد شعرت وكأنه ينشر النور والأمل والحب في شيء مظلم للغاية، منذ ذلك الحين كانت ترضيني رؤية جميع الرسائل التي يرسلها الأشخاص عن تأثير الأغنية في حياتهم وما تعنيه لهم، كان من اللطيف أيضًا أن الناس كانوا يعرفون الكلمات عن ظهر قلب خلال العروض اللاحقة، حينها لم أعد وحدي وأصبحنا جميعًا في هذه الرحلة معًا وهذا أفضل شعور في العالم.
تصوير: جوليا فريجيري. تصميم وتلبيس: ليلى نور جونسون. مساعدة المصممة: نوال. شعر ومكياج: إينيس. تصميم الأظافر: بابلو إسكونيلز. تصميم ديكور والخلفيات: Pangea
في “إن شاء الله” تستعيدين روحانيتك وتغنين “أمجّد الله فقط”، لماذا تحتاجين لإعادة تأكيد هذه العلاقة وما الذي تقولينه للذين يحاولون حرمانك منها؟
الإيمان لا ينتمي لأي شخص – لا أفهم لماذا يعتبر هذا نقاشًا في المقام الأول، شعرت بالحاجة للحديث عن الله والدين لأنني كنت دائمًا ما أشعر أنني مستبعدة جدًا منه ولم أفهم السبب، كنت في التاسعة من عمري في المرة الأولى التي سمعت فيها أن العابرين والمثليين جنسياً يحترقون في الجحيم بسبب هويتهم، شرح لي أفراد عائلتي هذا مثلما تشرحون للطفل سبب زرقة السماء وأصابني الشيء بصدمة – لم أكن أعرف حتى من أنا لكن كان هناك الكثير من العنف المحيط بوجودي.
بطريقة ما يبدو أن المجتمع وعلى نطاق واسع جدًا يفضّل كون الرجل إرهابيًا أو مغتصبًا على كون المرأة العابرة مؤمنةً أو شخصًا صالحًا أو حتى موجودًا في المقام الأول، لم أفهم أبدًا كيف يشعر الرجال الذين كانوا عنيفين أو مغتصبين أو إرهابيين أو أوغاد ذوي نوايا سيئة بطريقة ما بأنهم محقّون في استخدام الدين كحجة لتبرير الأشياء الخاطئة والمظلمة والفاسدة التي يفعلونها، كيف لا يزال الناس يدعون ذلك يحدث اليوم؟
لكي تتم رؤيتك والاعتراف بكِ ولإصدار ألبوم ولتتمكني أخيرًا من الحصول على لقمة العيش خلال شغفك… ما الذي يجب أن نتمناه لكِ؟
تمنوا لي أن أكون سعيدة وأن أستمر في فعل ما أفعله وأن أنجح، فقد عملت من أجل ذلك وبكيت طوال الليل وناضلت من أجل هذا، أحب أن أكون على خشبة المسرح وأن أؤدي للناس وآمل أن تخرج موسيقاي في الوقت المناسب. ماذا بعد؟ أن أكون على خشبة المسرح أمامكم وأصدر ألبومًا وأن أظل سعيدة، وأن أحيا وأجعل موسيقاي حية.