كلمات: إركان عفان
صور: جميع المواد البصرية نُشرت بتصريح من/بموافقة ‘منصة ح ر ك‘
ترجمة: نوارة ب.
هذا المقال من ملف ‘يا ليل يا عين’ – هيكل العدد هنا
أدهم حافظ رائد للفن المعاصر في المنطقة ومنخرط في العلوم السياسية وما يتعلق بها نظريًا وممارسة، كما يهتم بتاريخ الأداء وتصميم الرقصات وتغير المناخ، ويعمل أدهم الباحث والفنان والمنظّر في القاهرة وبرلين ونيويورك، أدى نهجه متعدد التخصصات إلى تشكيل منصة ح ر ك وهي أول هيكل في مصر مخصص للبحوث والنظريات في مجالات دراسات الأداء وفن ابتكار الرقصات والمسرح.
مشروع وآداء بعنوان “كباريه كيت-كات بالقاهرة” هو آداء وتجريبي رقمي بواسطة منصة ح ر ك، والتي تستكشف مشهد الكباريه الذي يقع تاريخيًا في حي كيت كات بالعاصمة المصرية – القاهرة. وبسبب الكوڤيد والحجر الصحي القسري ، تم عرض “كباريه كيت-كات بالقاهرة” لأول مرة بعرضه على نوافذ مبنى معهد جوته بنيويورك عام ٢٠٢٠. توظّف القطعة كونها نتاج مشروع البحث الجماعي لمنصة”ح ر ك” على قناة السويس مجموعة متنوعة من المنهجيات ووسائل العرض في فهم تاريخ الفن من الممارسات العربية والما بعد الاستعمارية، يمحوِر عمل أدهم في “كباريه كت كات بالقاهرة” مفهوم تبادل المعرفة بطريقة تثقف وتعلم وتنصح الجمهور، نتعمق أدناه في مشروع أدهم ونتحدث أكثر بالتحديد عن بعض التعقيدات في قطعة “كباريه كيت كات بالقاهرة” أيضًا.
عرض “كباريه كت كات بالقاهرة” لأول مرة بعرضه على نوافذ مبنى معهد جوته بنيويورك. مشهد من الآداء مع الراقصة آمي سلطان ، 2020
كيف تصف نفسك وعملك؟
أنا فنان ومنظر ومنسق، يندفع عملي دائمًا ذهابًا وإيابًا بين الممارسة والتأمل، تلقيت التدريب لأكون موسيقيًا وراقصًا ولهذا السبب تحتوي معظم أعمالي على عناصر الحركة والصوت بدلاً من مجرد “الرقص” في فهم محدود.
كيف تجمع ممارساتك الأكاديمية وغير الأكاديمية معًا؟ هل يمكنك تعريف عملك على أنه متعدد التخصصات؟ وإن كان الأمر كما سبق فكيف يكون ذلك؟
ينتج الكثير من العمل الذي أقوم بتطويره من خلال عملية بحث طويلة وكنت مندفعًا للعمل في الأوساط الأكاديمية بسبب ممارستي الفنية القائمة على البحث، وتمكنّا خلال منصة ح ر ك الجماعية من سد الفجوة بين الجانب النظري والتطبيق من خلال التنسيق والنشر والتدريس وإلقاء المحاضرات وتنظيم المؤتمرات. يحدد هذا الانخراط في العمل النظري ما يؤول إليه عملنا إليه بالطبع وهو تأصيل الحركة والأداء عبر تحقيق طويل وعمل أرشيفي وكتابي، وبالمثل يتشكل العمل الأكاديمي أو القائم على البحث من خلال ممارسة مجسدة للرقص والأغاني والموسيقى والمسرح والذي كان مميزًا حقًا لعملي النظري (سواء كان التدريس أو إلقاء المحاضرات أو النشر)، فأنا أتحدث من مكان مجسد للغاية.
ما هي الدوافع وراء إنشاء قطعة “القبض على إرهابي – To Catch A Terrorist” (٢٠١٨) مع مسرح لا ماما في نيويورك؟ كيف وجدت عملية التعاون الفني عند إنشاء عمل يجمع بين الرسم وتصميم الرقصات والترميز والأداء؟
كنت أعيش في مدينة نيويورك منذ عدة سنوات، وفي عام 2016 عندما أصبح دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة بدأت في تلقي اعتذارات من أصدقائي الديمقراطيين الليبراليين، وكان لدي أصدقاء يعملون في مجال الثقافة في نيويورك قد صُدموا من العنصرية العلنية المباشرة وتحديداً الأمر التنفيذي المسمى “حظر المسلمين”، لقد فوجئت بأن جميع أصدقائي لم تكن لديهم أدنى فكرة عن العنصرية التي كان يتعرض لها العرب أو المسلمون أو الشرق أسطيون في الولايات المتحدة قبل ترامب، إن العديد من هؤلاء العاملين في المجال الثقافي لم يعلموا أنه لم يكن من الممكن أن تكون مواطنًا أمريكيًا ومسلمًا حتى أربعينيات القرن الماضي وأنه في الحقيقة كان من غير الشرعي أن تكون مسلما أمريكيا! قررت إنشاء مقطوعة “القبض على إرهابي” لأضع على خشبة المسرح سلسلة أصول العنصرية والكراهية المعادية للمسلمين والعرب والتي تم إضفاء الطابع المؤسسي عليها في العديد من جوانب الحياة في الولايات المتحدة ابتداءً من ديزني إلى الحرب ضد الإرهاب.
بعد ذلك تطورت العملية بشكل طبيعي، كنت أعلم أنني أردت التحقيق في الكثير من النصوص في مدة قصيرة وابتكر آدم كوتشارسكي فكرة معالجة النص من خلال كود تحليل اللغة لمعرفة “جوهر” النصوص وهيكلها، وكان من المفاجئ رؤية أن معظم النصوص القانونية التي استخدمناها (حوالي 60 عامًا من القانون الأمريكي) كانت في الغالب تتعلق ببناء مفهوم “البياض” بدلاً من معاداة العرب أو معاداة المسلمين بشكل قطعي، لقد قمنا بدعوة الفنانة التشكيلية والرسامة منار عبد المعبود لبدء التعبير عن الصور النمطية من السينما وانتهاءً برسوم ديزني الكارتونية وآل الأمر بالعمل بأن يكون مثل إعادة صياغة لمشهد محكمة، لقد عملنا مع مصممة الرقص والراقصة إيرين هولتمان لبناء النتيجة من تصميم الرقصات. فبدلًا من الانتهاء من بحثنا أردنا نقله إلى المسرح وإنشاء قطعة فنية.
مشهد للمياء جودة من مشروع “كباريه كيت-كات بالقاهرة” ، إنتاج منصة ح ر ك – 2020
في “وزارة الثقافة العربية خارج الإقليم” (2017) تركز على الالتباسات التي تأتي مع التذبذب بين الواقع والخيال لتقييم مستقبل المؤسسات الثقافية وعملية إنشاء المدن والواقع، كيف تؤثر البيئة التي يُعرض فيها العمل على مثل هذه الاستكشافات؟ (على سبيل المثال Cite de la Culture في تونس، KinoKultura في سكوبيه، ومبنى بلدية نابولي).
أعتقد أن العمل الذي نبتكره كفنانين يندرج دائمًا في سياق خاص للغاية، أي مبنى مسرح هو مبنى معين وأي معرض هو نفسه ومع ذلك فإننا نميل إلى تطبيع المباني المخصصة للعروض التقديمية الفنية وبذلك تنتَج فئة تُعرف باسم “الفن الخاص بالموقع” بينما أعتقد أن كل الأعمال الفنية خاصة بالموقع التي هي فيه.
أما بالنسبة لـ ETMAC (وزارة الثقافة العربية خارج الإقليم) فقد أنشأت هذا العمل مع آدم كوتشارسكي وهو عالم مدني وعالم أنثروبولوجي، لم نبدأ بالتفكير في إنشاء عمل خيالي بل بدأنا بالعمل على محاضرة مشتركة حول حالة الفنون والثقافة في المنطقة العربية من منظور التمويل والاقتصاد وسريعًا ما أودت بنا الفكرة لبناء عمل مسرحي، إن الأداء الذي يقترح ويؤدي “أفضل الممارسات” ويوظف سيناريوهات الأمل المتفائلة ينتهي به الأمر إلى خلق المزيد من الكوميديا السوداء والنقد المؤسسي أكثر من أي شيء آخر.
واصلت الأداء والتجول بالتعاون مع آدم وبعد ذلك مع بقية منصة ح ر ك :منى جميل ولمياء جودة، يأخذ العمل معان مختلفة لأنه يذهب إلى أماكن مثل Cite de la Culture في تونس ثم إلى قاعة بلدية نابولي التاريخية، في تونس جاء الكثير من الأشخاص بعد الأداء وطلبوا التمويل معتقدين أن العمل ليس من نسج الخيال، لقد وظفنا مترجمًا محترفًا قام بالترجمة الحية أثناء الأداء مما أدى إلى إخراج المسرح عن مساره وإبراز جمالية المؤتمر وجعل الخيال أقرب إلى الواقع، هذه هي المفاتيح الصغيرة في الدراما التي أجدها مهمة جدًا في اللعب مع العمل.
بعد أربع سنوات قررنا أن نفعل العكس ونأخذ بالخيال ليصبح حقيقة، أسسنا شركة تسمى “وزارة” (كناية عن “الوزارة” في العمل السابق) وهي أول منصة قائمة على شبكة البلوكتشين من الفنانين للفنانين والتي تدعم وتوظف وتنظم وتنتج أعمالًا مع فنانين من المنطقة وخارجها، أدى الشعر والفكاهة في ETMAC بطريقة ما إلى ولادة شركة فعلية وهي Wizara.
آداء غنائي لمغنية الأوبرا عُهود خضر في مقطع اعادة تمثيل شخصيات الكباريه الشهيرة من أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. من مشروع “كباريه كيت-كات بالقاهرة” ، إنتاج منصة ح ر ك – 2020
تتواجد أيضًا استكشافات للواقع من خلال الخيال في عملك السابق بعنوان “AA – Artists Anonymous” (٢٠١٦) والذي تدمج فيه شهادات فنانين عرب من الثلاثينيات وحتى بداية الربيع العربي مع وثائق وهمية لكشف التقاطعات المحتملة بين العاطفة والسياسة، ما المقصد من هذا الاستكشاف؟
يسمح التنقل بين الخيال والواقع بحدوث العديد من الأشياء المثيرة للاهتمام، أولاً يمكنك انتقاد لحظة خيالية من التاريخ أو دفع حدث حالي إلى المستقبل البعيد والعمل معه هناك ويسهل ذلك على الناس السماح لأنفسهم بالنقد دون القلق بشأن الحاضر، إن السهولة التي يمنحها إيانا الخيال وخاصة الروايات المستقبلية تمكننا من تعليق أحكامنا والوصول إلى مكان عمل جماعي إبداعي معًا كجماهير وفنانين، بهذا يمكننا العثور على الأمل مرة أخرى.
أخبرنا المزيد عن مجموعتك “منصة ح ر ك”؟ ماذا الذي يترتب على “علم آثار الأداء”؟
منصة ح ر ك هي مجموعة تأسست في عام 2006 على الرغم من أن عملها موجود منذ 2003/2004، وهي عبارة عن مجموعة صغيرة من الفنانين والمنظرين والمتخصصين في مجالات ليست فنية بالضرورة مثل العلوم السياسية والعمران، عندما بدأنا كنا مهتمين بسد فجوات البحث والتوثيق حول الرقص المعاصر ومشاهد الأداء في المنطقة حيث بدأنا بإدارة مشاريع بحثية وأعمال أرشيفية وورش عمل حول الرقص والكاميرا، بعدها انتقلنا سريعًا إلى إنشاء مشاريع معقدة تجمع بين النظرية والتطبيق ومنذ ذلك الحين نقوم بإنشاء أعمال بشكل تعاوني ودولي، منصة ح ر ك اليوم تدار من قبلي ولمياء جودة ومنى جميل وآدم كوتشارسكي ونحن نطور وننتج أعمالنا معًا.
مشهد من الآداء مع الراقصة آمي سلطان من مشروع “كباريه كيت-كات بالقاهرة” ، إنتاج منصة ح ر ك – 2020
هل يمكنك التحدث قليلاً عن العمل الذي قمت به أنت وإسماعيل فايد في سلسلة المطبوعات “Cairography”؟
لطالما أردنا أنا وإسماعيل فايد أن نبدأ منشورًا وكانت ح ر ك في خضم ترجمة ونشر الأعمال النظرية المتعلقة بالفن، بدأنا مشروع “Cairography” في عام 2014 بهدف تشجيع البحث والنشر باللغتين العربية والإنجليزية ويستمر عمل المنشور من خلال شراكة مهمة مع جمعية سارما بإدارة ميريام فان إمشوت وتوم إنجلز بمقرها في بروكسل، وأصبحت شركة كايروغرافي للنشر الآن من عملنا نحن الثلاثة ، أنا وميريام وإسماعيل. كما نفكر في النشر أيضًا كعمل فني تعاوني مع سارما.
لنمضي قدمًا لإصدار منصة ح ر ك لقطعة الأداء الرقمي “كباريه كيت كات بالقاهرة”- كيف تطورت الفكرة لهذه القطعة؟ ما الذي أثار فيك رغبة التركيز على كباريه كيت كات في القاهرة وأرشفته؟
كنا في الواقع ندير عرضًا عن تاريخ قناة السويس في عام 2019 وعثرنا على الكثير من وثائق القرن العشرين في مصر، أخبرنا أحدهم أننا كنا فعليًا نستخدم عناصر وأدوات “الكباريه” في عملنا الأدائي وهذا الذي ألهم فكرة القيام بعمل كباريه كامل وكانت قصة كباريه كيت كات رائعة لغاية أنه تحتم علينا اختياره ليكون أول عمل كباريه أنشأناه.
“كباريه كيت-كات بالقاهرة” ، إنتاج منصة ح ر ك – 2020
لقد تمكنتم من الوصول إلى ملفات MI5 التي رفعت عنها السرية بالإضافة للتاريخ الشفوي وسجلات أجيال من ارتياد النوادي في سياق دولي أثناء تطوير قطعة “كباريه كيت كات بالقاهرة”، هل يمكنك شرح عملية جمع وتحليل الأشكال المختلفة من المعرفة والبيانات؟ هل حظى أي شكل أو دليل بالأسبقية عند مباشرة التحليل؟
لحسن الحظ اضطررنا للسفر إلى العديد من الأماكن بسبب مشروعنا في السويس وكانت إحدى الأماكن لندن حيث وجدنا الكثير من الوثائق في الأرشيف الوطني الذي رفعت عنه السرية مؤخرًا، عندما تجد دليلًا واحدًا فإنه يؤدي إلى آخر فالقصة الواحدة تفتح ملفًا آخر واسمًا آخر وصورة أخرى، إنه سحر العمل الأرشيفي والبحث الذي يسطع عند عرضه على المسرح كأداء.
لقد أقمنا أيضًا عددًا من المقابلات والمحادثات حيث ذهب فنّانونا لتسجيلها مع أشخاص يعيشون حول النوادي والملاهي، وبين الروايات الشفوية والتاريخ الشخصي والمواد الأرشيفية والخيال والتوثيق السينمائي وجد المشروع نفسه في بحر غني من المعلومات، كان بإمكاننا خلق ساعات وساعاتٍ من الأداء وربما سنفعل ذلك!
يذكر المقال أن “التنمية الحضرية أوجدت الكثافة وإمكانية إخفاء الهوية اللازمين لازدهار أداء جريء مثل الكباريه”, هل يمكنك توضيح هذا في سياق القاهرة؟
هذا يتعلق أكثر بعمل آدم كوتشارسكي عالم المدن والأنثروبولوجيا المذكور أعلاه، إنه قادر على قراءة المساحات وسياساتها من منظور آخر أي بالطريقة التي يمكنني قراءتها من جانب تصميم الرقصات والأداء، نظريته هي أنه لا يمكن أن تكون لديك الكثافة وإمكانية إخفاء الهوية التي تتطلبها حياة الكباريه والحياة الليلية والمسرحية بشكل عام دون إعادة صياغة المدينة كعاصمة كثيفة كما كانت القاهرة ولا تزال، لم تكن الكباريهات لتتمكن من الازدهار وأن تصبح ظاهرة دولية في سياقات المحافظات الأصغر بل احتاجت إلى تدفق الناس وشوارع جديدة وحانات وتطورات سكنية جديدة وأحياء بأكملها لتُقام هذه العروض السرية، وبالتالي استقر العديد من المهاجرين الأوروبيين والشاميين في القاهرة على وجه التحديد إثر تاريخ كامل من الهجرة بسبب التطورات الأخيرة وفي نهاية المطاف ساهم الكثير منهم في إثراء تاريخ السينما والمسرح والرقص والكباريهات في القاهرة.
تعقيبًا على ذلك هل يمكننا افتراض أن شروط الكثافة وإضفاء المجهولية لا تزال سارية في السياق المعاصر (سواء في القاهرة أو في أماكن أخرى)؟
لا يزال هذين الشرطين ساريين في سياق القاهرة ومدن أخرى مثل برلين ونيويورك، لكي تستمر ثقافة ارتياد النوادي أو الكباريهات بالازدهار تحتاج إلى تدفق الناس والجمهور، أنت بحاجة للسكان المحليين الذين يذهبون إلى هناك بشكل متكرر ولكن أيضًا للأشخاص الذين يكتشفونها لأول مرة ويبدأون نواديهم الخاصة، تتقاطع هنا الرغبة والمال والحب والعقارات بطرق معقدة، مدننا مخلوقات معقدة للغاية.
ستريبتيز-كوفيد مع منى جميل ، لمياء جودة ، أدهم حافظ ، في “كباريه كيت-كات بالقاهرة” ، إنتاج منصة ح ر ك – 2020.
تَستكشف بشكل جماعي فكرة أن مشهد الكباريه في القاهرة “مستعار من باريس وبرلين ونيويورك” بينما تؤكد على ابتكاره لأشكال فنية مميزة وأصلية جديدة تمامًا، أيمكنك التحدث أكثر عن هذه الأشكال الجديدة التي تم إنشاؤها في سياق القاهرة؟ ما الذي جعلها مميزة إلى هذا الحد؟
بالإضافة إلى تنوع ابتكارات الرقص هناك من الرقص الشرقي (أو الرقص المصري) إلى الباليه الكلاسيكي إلى التانغو كان هناك عدد من الأشكال التي كانت منوطة جدًا بتلك الفترة الزمنية، على سبيل المثال المونولوج الهزلي مع نجوم مثل شوكوكو أو ثريا حلمي، وكانت هناك أعمال سحرية ومسرحيات مصغرة أو قصيرة من شأنها أن تروي شيئًا واحدًا أو قصة واحدة فقط غير القصص التي كانت تتمحور حول “عبرة” بدلاً من السرد.
كل مدينة وثقافة الأداء الخاصة بها لها قصصها الخاصة والقاهرة لا تختلف عن ذلك، أصبحت مدينة القاهرة بسبب موقعها الجيوسياسي والتاريخ السياسي وعلاقتها بأوروبا بوابة بين أوروبا والولايات المتحدة وبقية العالمين العربي والإفريقي، وهكذا نرى جوزفين بيكر وسيسيل بي ديميل تقدمان عروضًا في القاهرة وسامية جمال تعمل مع مشهد الحياة الليلية في نيويورك ونرى حكمت فهمي يرقص في أوروبا.
خريطة أرشيفية لوسط القاهرة ، شوهدت خلال محاضرة قدمها المهندس الحضري الأمريكي آدم كوتشارسكي خلال “كباريه كيت-كات بالقاهرة”
كيف أثرت الروايات التاريخية للعمارة الموجودة في المنطقة المجاورة حيث كان يقع الكباريه في تطوره؟
للأسف لم يعد كباريه كيت كات موجودًا فعليًا في القاهرة، لا يزال منزل المؤسس (أو بالأحرى قصره) موجودًا وهو الآن الكباريه السويسري في القاهرة لكن لا يزال اسم كيت كات يُطلق على الحي ويتذكر الكثير من الناس أن الكباريه الشهير كان يقف هناك على ضفاف النيل، يعلم الآخرون فقط عن محطة مترو الأنفاق التي يتم بناؤها هناك أو المسجد الذي يقف على الساحة الآن، بالنسبة لبقية وسط القاهرة فلا يزال هناك العديد من المباني والحانات والمقاهي من أواخر القرن التاسع عشر / أوائل القرن العشرين.
إنه شيء جميل ويفطر القلب في نفس الوقت، جميل أن تتجول في هذا المجد السابق وتشعر بالامتياز لأنك نشأت في مثل هذا التاريخ الغني بالأداء الذي تأثر بمراجع متعددة فضلاً عن كونه مؤثرًا للغاية، ولكن من المحزن رؤية أن أغلب هذا اختفى وأن المباني يتم هدمها أو إعادة بنائها لأغراض أخرى، لن يعرف الجيل القادم حتى ما هي هذه المباني إذا لم نحميها اليوم، وإن لم نستطع ذلك فعلينا على الأقل أن نحاول حماية هذه القصص وقصّها، هذه أحد الأسباب وراء إنشاء كباريه كيت كات بالقاهرة، كعمل مقاوم ضد التدهور الحضري وضد محو المساهمة الغنية لتاريخ الأداء الذي لعبت مصر فيه دورًا كبيرًا.
بعد أن تم عرض القطعة كجزء من البرامج الدولية مثل مهرجان شباك في لندن، هل هناك سياقات أو بيئات أو برامج معينة تأمل أن يتم فيها عرض كباريه كيت كات بالقاهرة؟
نود أن نرى العرض حيًا في كباريه سواء كان مبنى قديمًا مغبرًّا أو مبنى جديدًا شاهقًا، يمكن أن يكون في مدينة مثل القاهرة أو بيروت، أو إحدى المدن التي كانت القاهرة في حوار معها مثل برلين وباريس ولندن ونيويورك.
أنا ممتن جدًا لأننا نجحنا في إنشاء هذا العمل وسط حظر عالمي لكنني أريد أن أصر على الحضور والجسدية والألفة والقرب والعيش المشترك، هذه كلها أيضًا أشكال مقاومة.
ملاحظة: عرض “كباريه كيت-كات بالقاهرة“ غير مفتوح للجمهور حاليا ومتاح فقط من خلال تنظيم جلسة مشاهدة مع منصة ح ر ك.