كلمات: ج.ن.ر
ترجمة: نوارة ب.
Mary’s Art :العمل الفني
هذه المقالة حصيلة ورشة عمل المجلة للكتابة
⚠️ تشمل الأعمال الفنية في هذا المقال العُري
يعاني أكثر من مليون من الذكور البيولوجيين و ما يزيد عن مائتي ألف من الإناث البيولوجيات حول العالم (وفقًا لـ DSM-5) من ديسفوريا الجندر، ويؤول ذلك إلى معدلات انتحار أعلى مقارنةً بعموم السكان (50٪ من الأفراد المصابين بديسفوريا الجندر عانوا من ميول انتحارية أو حاولوا الانتحار بلحظة ما في حياتهم).1 تهدف هذه المقالة إلى إضفاء مقدمة عن ديسفوريا الجندر بالاعتماد على الأبحاث والمناقشات الحالية، بالإضافة إلى ذلك تستكشف التاريخ السائد لتسليح المعرفة الطبية وتحديداً استخدام الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية للتخلص من الهويات الجندرية غير المتجانسة والهويات غير النمطية والسيطرة عليها، أخيرًا تلقي هذه المقالة الضوء على ديسفوريا الجندر في الأردن تحديداً حيث يعتمد التعليم الطبي على مناهج أمريكية وأوروبية.2
لمحة تاريخية
يُعرّف الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية ديسفوريا الجندر بأنه تضارب بين الجنس البيولوجي للفرد (أو الجنس المحدد عند الولادة) وجندره الحالي (الطريقة التي يتصورون بها أنفسهم فيما يتعلق بالتعبير / الهوية الجندرية).3 أصول المصطلح غامضة ومتنازع عليها حيث ينسبه الكثيرون إلى مقال نورمان فيسك عام 1974 عن “متلازمة ديسفوريا الجندر” ،4 بينما يعزوها آخرون إلى ألفريد كينزي5 الذي استخدم المصطلح لوصف مريض يرغب في الخضوع لعملية جراحية توكيدية للجندر للتخفيف من حدة “الأعراض” المزعجة التي كانوا يعانون منها بسبب الديسفوريا.6
ومع ذلك لا يزال تاريخ المصطلح مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بحركة الترانس والرعاية الصحية للعابرين جنسيًا بعد مصطلح ماغنوس هيرشفيلد7 “التحول الجنسي” في عام 19238 والترويج لمصطلح “المتحولين جنسياً” بواسطة هاري بنيامين9 في عام 1966.10ومع ذلك فإن تحديد التنوع الجندري على أنه اضطراب عقلي لم يتم ترسيخه حتى إصدار الثمانينيات من DSM-311 وكان هذا بمثابة تغيير محوري في أهمية الدليل لدعم إضفاء الطابع المرضي على الجندر والتحكم أيضًا في وصول العابرين للرعاية الصحية حيث اشتمل الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية 3 على أول تشخيص نفسي لـ “ديسفوريا الجندر”12، والذي سُمي بعد ذلك بـ “تغيير الجنس” ومع ذلك تم التدقيق في هذا المصطلح من قبل نشطاء مجتمع الميم والباحثين الطبيين التقدميين مما أدى إلى إزالته لصالح “اضطراب الهوية الجندرية” في DSM-413 لعام 1994 وثم “ديسفوريا الجندر” في أحدث DSM في 2013.3
Mary’s Art :العمل الفني
مناظرات وأبحاث – نظرة عامة إقليمية
تم اعتماد “ديسفوريا الجندر” كمرض على مر السنين بحجة ضمان الوصول إلى الرعاية الصحية المؤكدة للجندر، ومع ذلك تستمر النقاشات داخل مجتمع العابرين العالميين في التساؤل عن الحاجة إلى إضفاء الطابع المرضي على الجندر والاعتماد على إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية لإثبات “مرض” الأفراد الذين يتواجدون خارج النظام الثنائي المتغاير بين الجندرين.14
لا يبتعد المشهد الطبي في الأردن كثيرًا عن هذا السرد حيث يسير على خطى الغرب التاريخية والمستمرة في التشخيص المرضي للأجناس المتنوعة، فهو ينظر إلى ديسفوريا الجندر باعتباره اضطرابًا عقليًا حتى أن بعض مراكز الطب النفسي والأخصائيين الطبيين يسلطون الضوء على “خدمات إرشاد مجتمع الميم وديسفوريا الجندر”، علاوة على ذلك صدر قانون في عام 2018 لتوجيه الاتهام إلى الأطباء الذين يجرون جراحات تؤكد الجندر (ما لم يتم إجراء الجراحة على “مرشح مناسب” ينتخبه لجنة طبية حكومية وبموافقة وزارة الصحة).15 إضافة إلى ذلك فإن الجهود التي يبذلها الأردن لإبعاد نفسه عن مثل هذه “الأمور المحظورة” لا تؤدي فقط إلى خنق المحادثات العامة حول الهوية الجندرية والجنسانية، بل أيضًا تعرّض الأفراد المصابين بديسفوريا الجندر الذين يسعون للحصول على مساعدة طبية مهنية للخطر من خلال التشخيصات الخاطئة وتشويه سمعة التجارب الشخصية المؤلمة أو تجاهلها، كما تعيق وصول العابرين إلى الرعاية الصحية (خاصة العلاجات المتعلقة بالعبور).
الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية DSM-5، إزالة المرض، والثنائية الجندرية
يُعزِّز تصنيف DSM-5 لديسفوريا الجندر الثنائية الجندرية واعتماد أنواع الجندر النمطية على أنها “طبيعية” وافتراض أن الهوية الجندرية ثابتة، ولا يتطلب “التشخيص” شعور الشخص بالديسفوريا لمدة 6 أشهر على الأقل فحسب بل يتطلب أيضًا تحقيق شروط مثل شطب “الأعراض” من قائمة تجسد سردية “الرغبة في أن تكون / تتماهي مع الجندر المعاكس / الجندر الآخر.” وتستثني هذه الجهود المؤكدة لثنائية الجندر كل من لا يتوائمون مع الأدوار النمطية والذين يقعون أحيانًا أيضًا تحت مظلة “العابرين/ات”،16 بالإضافة إلى ذلك فإن الأهمية المقترحة لوجود أخصائي طبي يملي ما إذا كان الفرد يعاني من ديسفوريا لا يؤدي إلا إلى تقوية اختلال توازن القوة بين المضطهَدين والمضطهِدين من خلال منح أحد الأطراف الإذن بالتصديق أو إبطال التجارب المميزة من خلال موازنتها ومقارنتها بثنائية الجندر المهيمنة.17
علاوة على هذا بدأ البحث الذي يركز على ديسفوريا الجندر في التشكيك في المقاييس المستخدمة من قبل المتخصصين الطبيين فضلاً عن السعي لاكتساب فهم للتجارب المتنوعة للأشخاص غير المطابقين للجندر مع ديسفوريا الجندر، سعت إحدى الدراسات المنشورة في مجلة Transgender Health Journal في عام 2020 على وجه التحديد إلى استكشاف التجارب غير الثنائية لديسفوريا الجندر، وعكست الدراسة السياق التاريخي الذي تم فيه معالجة ديسفوريا الجندر في البداية من خلال ربط إضفاء الطابع الطبي على ديسفوريا الجندر وفكرة “مرأة عالقة في جسد ذكر” المشهورة في إعادة التأكيد على ثنائية الجندر ودعم التشخيص المرضي المستمر لتجارب العابرين، أكدت نتائج البحث نتائج الدراسات المماثلة للحاجة إلى تطوير رعاية صحية مخصصة وخدمات دعم مصممة خصيصًا للتجارب الفريدة التي يعيشها الفرد بدلاً من الاعتماد على أدوات التشخيص غير المجدية والمتوافقة مع الجندر النمطي.18
أعربت دراسة أخرى نُشرت في مجلة Perspectives on Psychological Science في عام 2019 عن رغبتها في معالجة قضية ديسفوريا الجندر كحالة مستقلة تحدث فقط في عقل الفرد (وفقًا لـ DSM-5)، شكك العلماء في هذا الخطاب من خلال توجيه منظور إزالة الأمراض والاعتماد على النظرية القائلة بأن الهوية الجندرية تتطور بشكل طبيعي، وجادل الباحثون بأنه إذا استمر تطبيق المنظور المرضي فيجب فهم ديسفوريا الجندر على أنه “مشكلة تقع في الجسد بدلاً من العقل” داعمين هذه الفكرة من خلال توضيح أن بروتوكولات العلاج تركز على “شفاء” الجسم.19
من ناحية فإن هذا النهج الذي يحاول التحرر من إضفاء الطابع الطبي على الأجساد غير المتجانسة جندريًا تقع في نفس الفخ المتمثل في دعم ثنائية الجندر ويبني جهوده على قناعات طبية قديمة تفصل بين الصحة الفسيولوجية والعقلية20، من ناحية أخرى يناقض الباحثون تعريفهم للهوية الجندرية على أنها تحدث بشكل طبيعي من خلال تجاهل دور السياقات الاجتماعية والتنشئة الاجتماعية في إعادة إنتاج الأجسام الجندرية،21 على الرغم من أن الدراسة تدعو إلى حق كل شخص في الحصول على رعاية مخصصة مرتبطة بالعبور دون شرط مسبق للتشخيص (العقلي) إلا أنها فشلت في تصور وجود صحي يتجاوز ثنائية الجندر، ويتضح هذا في اللغة المستخدمة في جميع أنحاء الدراسة والتي تختزل تجارب ديسفوريا الجندر في الأجساد الخاضعة لثنائية الجندر التي تريد العبور.
Mary’s Art :العمل الفني
لا يمكن الاستمرار في مناقشة ديسفوريا الجندر دون مناقشة العوامل الاجتماعية أيضًا نظرًا لأن الهوية الجندرية مبنية اجتماعياً، اكتشفت دراسة حديثة نُشرت في نوفمبر 2021 التأثير المباشر للعوامل الاجتماعية مثل دعم الأسرة وقبول الهويات الجندرية المتنوعة في المجتمع على زيادة احتمالية تطور ديسفوريا الجندر وشدته،22 وأظهر البحث أن السياقان الاجتماعي والثقافي يلعبان دورًا مهمًا في تحديد مدى انتشار وشدة تجارب الديسفوريا، مع ذلك فإن الحجم الهائل من الأبحاث التي يتم إنتاجها لم تناقش حتى الآن موقعية المعايير المتوافقة مع أنواع الجندر النمطية في العالم المتأثر بالثنائية الجندرية والذي نخوضه.
ماضين قدمًا، من الضروري أن نعترف بأن الجندر هو نتاج نظام أبوي وبالتالي فإن إضفاء طابع المرض الجسدي على أساس الجندر لا يصبح أقل من أداة تدمير معتمدة من الدولة، ومع ذلك فإن التخلص من ديسفوريا الجندر دون وجود آلية بديلة لضمان الوصول إلى الرعاية الصحية المتنوعة والمتنوعة بين الجندر والمرافق ذات الصلة سوف يحرم العديد من الأفراد من جودة حياة أفضل.
في هذا السياق أود دعوتكم للتفكير في كيفية تحول الخطاب إذا كنا سنعيش في عالم لا يميز بين الأنواع الجندرية، هل يمكن للجندر أن يعيش خارج حدود “الذكورة” و “الأنوثة”؟ ماذا وراء “الطريقة الصحيحة للوجود” المبنية اجتماعيًا والمنتشرة على نطاق واسع؟ وكيف سيكون ديسفوريا الجندر حينها؟
المصادر
- García-Vega, Elena, Aida Camero, María Fernández, and Ana Villaverde. 2018. “Suicidal Ideation and Suicide Attempts in Persons with Gender Dysphoria.” Psicothema 30 (3): 283–88. https://doi.org/10.7334/psicothema2017.438.
- Tamimi, Ahmad Faleh, and Faleh Tamimi. 2010. “Medical Education in Jordan.” Medical Teacher 32 (1): 36–40. https://doi.org/10.3109/01421590903196953.
- American Psychiatric Association. 2013. Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders. 5th ed. Arlington, VA: American Psychiatric Association.
- Fisk, N M. 1974. “Editorial: Gender Dysphoria Syndrome–the Conceptualization That Liberalizes Indications for Total Gender Reorientation and Implies a Broadly Based Multi-Dimensional Rehabilitative Regimen.” Western Journal of Medicine 120 (5): 386–91. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC1130142/?page=1.
- Alfred Charles Kinsey was a biologist and sexologistr in the early 20th century. He is most known for establishing the institute for sex research in the Indiana University and for his books on human sexualities which utilized a scientific research approach to understanding sexuality and gender. (Kinsey Institute Indiana University 2019)
- Ettner, Randi. 2020. “Etiology of Gender Dysphoria.” In Gender Confirmation Surgery, 21–28. Cham: Springer. https://doi.org/10.1007/978-3-030-29093-1_2.
- *Magnus Hirshfeld was a prominent sexologist between the late 1800s and early 1900s. He represents a pivotal moment in the trans movement, as he was the first person to perform sex reassignment surgeries throughout the 1920s. (Rodrigues, Carneiro, and Nogueira 2021)
- Schechter, Loren S. 2018. “Surgery for Gender Dysphoria.” In Plastic Surgery: Volume 4: Lower Extremity, Trunk, and Burns, 333–49. Elsevier.
- Harry Benjamin was an endocrinologist and sexologist best known for forming the Harry Benajmin International Gender Dysphoria Association (1979), now the World Professional Association for Transgender Health (WPATH). (Schilt 2022).
- Capetillo-Ventura, N.C., S.I. Jalil-Pérez, and K. Motilla-Negrete. 2015. “Gender Dysphoria: An Overview.” Medicina Universitaria 17 (66): 53–58. https://doi.org/10.1016/j.rmu.2014.06.001.
- Davy, Zowie, and Michael Toze. 2018. “What Is Gender Dysphoria? A Critical Systematic Narrative Review.” Transgender Health 3 (1): 159–69. https://doi.org/10.1089/trgh.2018.0014.
- Drescher, Jack. 2010. “Transsexualism, Gender Identity Disorder and the DSM.” Journal of Gay & Lesbian Mental Health 14 (2): 109–22. https://doi.org/10.1080/19359701003589637.
- American Psychiatric Association. 1994. Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders : DMS-IV. Washington, D.C.: American Psychiatric Association.
- Stryker, Susan. 2008. Transgender History. Berkeley, Ca: Seal Press.
- Anwar, Maya. 2018. “Jordan’s Parliament Passes a New Law Related to Transgender People.” Https://Planettransgender.com/Jordans-Parliament-Passes-a-New-Law-Related-To-Transgender-People/. December 27, 2018. https://archive.fo/fjWhF.
- Jones, Bethany A., Walter Pierre Bouman, Emma Haycraft, and Jon Arcelus. 2018. “The Gender Congruence and Life Satisfaction Scale (GCLS): Development and Validation of a Scale to Measure Outcomes from Transgender Health Services.” International Journal of Transgenderism 20 (1): 63–80. https://doi.org/10.1080/15532739.2018.1453425.
- Johnson, Austin H. 2018. “Rejecting, Reframing, and Reintroducing: Trans People’s Strategic Engagement with the Medicalisation of Gender Dysphoria.” Sociology of Health & Illness 41 (3): 517–32. https://doi.org/10.1111/1467-9566.12829.
- Galupo, M. Paz, Lex Pulice-Farrow, and Emerson Pehl. 2020. “‘There Is Nothing to Do about It’: Nonbinary Individuals’ Experience of Gender Dysphoria.” Transgender Health 6 (2). https://doi.org/10.1089/trgh.2020.0041.
- Ashley, Florence. 2019. “The Misuse of Gender Dysphoria: Toward Greater Conceptual Clarity in Transgender Health.” Perspectives on Psychological Science 16 (6): 1159–64. https://doi.org/10.1177/1745691619872987.
- Gabor Maté. 2019. When the Body Says No : The Cost of Hidden Stress. London: Vermilion.
- Cooper, Kate, Ailsa Russell, William Mandy, and Catherine Butler. 2020. “The Phenomenology of Gender Dysphoria in Adults: A Systematic Review and Meta-Synthesis.” Clinical Psychology Review 80 (August): 101875. https://doi.org/10.1016/j.cpr.2020.101875.
- Goldbach, Chloe, and Douglas Knutson. 2021. “Gender-Related Minority Stress and Gender Dysphoria: Development and Initial Validation of the Gender Dysphoria Triggers Scale (GDTS).” Psychology of Sexual Orientation and Gender Diversity, November. https://doi.org/10.1037/sgd0000548.